د. أمين القاسم - باحث في تاريخ المنطقة
منذ القرن التاسع عشر الميلادي، أدت المدارس الشرعية الإسلامية في روسيا القيصرية دوراً في كبير في تعليم وإعداد الأئمة والخطباء لمساجد البلاد، كما تخرّج منها الآلاف من المفكرين والمثقفين والسياسيين من جميع الشعوب المسلمة.
وعُدت مدرسة "حسينية" الشرعية إحدى أهم ثلاث مدارس في القيصرية الروسية، بعد "المحمدية" (تأسست عام 1882م) في مدينة قازان، ومدرسة "عالية" (تأسست عام 1906م) في مدينة أوفا. وقد جذبت للدراسة فيها طلابا من شعوب مناطق فولغا-أورال، ووسط آسيا، والقرم، وسيبيريا، والقوقاز.
المدرسة الإسلامية المسماة "حسينية" بنيت عام 1891م في مدينة أورنبورغ، أسسها التاجر والمحسن أحمد حسينوف (1837- 1906م) مع أخوته (عبد الغني ومحمود)، والذي صرف الأموال على تشغيلها أيضا، كما له أعمال خيرية أخرى، كبناء عشرات المساجد والمدارس، وابتعاث الطلبة للدراسة في الخارج، وكفالة مصاريف حج بيت الله الحرام.
شملت المناهج التعليمية في المدرسة، إضافة إلى العلوم الشرعية، اللغات المتعددة والعلوم الطبيعية، واستطاع المتخرج من المدرسة الحسينية" الالتحاق بالجامعات الروسية والأجنبية الأخرى، وقد واصل بعضهم الدراسة في جامعتي الأزهر وإسطنبول.
يقع مبنى المدرسة بالقرب من مقر الإدارة الدينية لمسلمي أورنبورغ ومسجد "الحسينية" المجاور له، ومبنى المدرسة مؤلف من 3 طوابق، الأول والثاني منه يضم صفوف دراسية، أما الطابق الثالث فهو سكن للطلاب القادمين من خارج مدينة أورنبورغ، ومن مرافق المدرسة أيضا مكتبة عامة وعيادة طبية.
وصل عدد الطلاب في المدرسة في العام الدراسي 1909-1910 هو 235 طالب، وفي العام 1913- 1914م هو 294 طالب.
وكانت تدفع مكافآت شهرية للطلاب بحسب مستواهم الدراسي وإمكانياتهم المالية، وتم تأمين الكسوة والطعام لجميع الطلبة، وكذلك الكتب والمواد التعليمية اللازمة.
درّس في المدرسة الحسينية المفكر والأديب التتري محمد عياض إسحاقي (1878-1954م)، والعالم الشرعي موسى جار الله بيكييف (1873-1949)، والعالم المفتي رضاء الدين فخر الدين (1859-1936م)، والكاتب والصحفي التتري فاتح كريمي (1870-1937م)، وغيرهم.
وتخرّج من المدرسة المئات ممن شارك في الأحداث السياسية والعسكرية والثورية التي جرت في روسيا بداية القرن العشرين.
تم تحويل المدرسة إلى معهد لإعداد المعلمين في عام 1917م، ثم حوّل الشيوعيون مبنى المدرسة إلى مقر لكلية الزراعة في المدينة.
ساهمت المدرسة الحسينية في إصلاح وتطوير التعليم في مدارس المسلمين بروسيا القيصرية، فمناهجها الدراسية تم استخدامها بشكل كبير في المؤسسات التعليمية في مناطق الفولغا والأورال وسيبيريا وتركستان.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، عادت المدرسة لتأدية دورها التعليمي في مدينة أورونبورغ، وفي العام 2007م أصبحت فرعا من الجامعة الإسلامية الروسية.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022