هل سمعت قصة "الحزب الشيوعي الإسلامي الروسي"؟!

المؤتمر الأول الشيوعي لشعوب الشرق في عموم روسيا عام 1918
نسخة للطباعة2021.05.17

د. أمين القاسم - باحث في تاريخ المنطقة

نتيجة ثورة فبراير في روسيا عام 1917م، فتحت الإطاحة بالنظام القيصري آفاقا واسعة للمسلمين في البلاد، ولكن انقسم المثقفون والزعماء المسلمون في روسيا إلى عدة توجهات خلال الفترة بين الأعوام 1917- 1919م، فالفريق الأول منهم أيد الاشتراكية بغرض التخلص من النظام السياسي والأمني القيصري الروسي، ورأى هذا الفريق أن الأفكار الاشتراكية هي منهج اقتصادي لحل مشكلات المجتمع المسلم في روسيا، وهؤلاء كانوا من الاشتراكيين الثوريين والمنشفيك.

وطمح الفريق الثاني لإقامة دولة شيوعية إسلامية تكون نموذجا للاشتراكية والعمل والفكر لكل دول العالم عن طريق الحل الثورية وبالقوة، وهؤلاء كانوا من البلشفيك.

بينما كان فريق ثالث من القادة المسلمين يدعو للتعاون مع الشيوعية-دون الإيمان بأهدافها- للإستفادة وتحقيق مكاسب لشعوبهم المسلمة.

ورأى فريق رابع أن القيصرية والمنشفيك والبلاشفة يطمعون لكسب ود المسلمين لتحقيق مصالحهم ومصالح شعوبهم فقط، وهم يعادون الإسلام، ولا حل إلا بالاستقلال الذاتي.

نحدثكم عن إحدى التجارب التي خاضها المسلمون في بداية العهد الشيوعي.

تأسست "المفوضية المركزية للشؤون الإسلامية" في 17 يناير من عام 1918م بمدينة بتروغراد (سان بطرسبورغ)، وذلك بهدف المساعدة في تنظيم حياة وأنشطة السكان المسلمين في روسيا الاشتراكية السوفيتية في مجالات الزراعة والصناعة والتعليم والصحافة والمالية والقضاء والجيش وغيرها، وكان لهذه المفوضية صلاحيات واسعة في إدارة شؤون المسلمين، ترأس "المفوضية الإسلامية المركزية" الثائر والسياسي التتري: ملاّ نور وحيدوف (1885- 1918م)، وقام بدور نشط في أعمال هذه المنظمة كل من الثائر المفكر: ميرسعيد سلطان غلييف (1892- 1940)، والشيوعي التركي محمد مصطفى صبحي (1883- 1921م)، والكاتب والمسرحي التتري: كريم تينتشورين (1887- 1938).

وقد تمّ إنشاء مفوضيات إسلامية إقليمية ترتبط بالمفوضية المركزية، وعُقدَ أول مؤتمر للعمال المسلمين في موسكو في 8 مارس من عام 1918م، وفيه تقرر إنشاء حزب اشتراكي شيوعي للمسلمين.

جاءت المرحلة التالية من نشاط "المفوضية المركزية للشؤون الإسلامية" بعقد "المؤتمر الأول للشيوعيين المسلمين" في 17 يونيو من عام 1918م بمدينة قازان، وفيه تم تسمية الحزب ب"الحزب الشيوعي الإسلامي الروسي"، واستمد دستوره من الحزب الشيوعي الروسي، رغم أنه حزب مستقل عنه، ثم أصبح هذا الحزب أحد المكونات الفيدرالية في الحزب الشيوعي الروسي (البلشفي). ومن قيادات هذا الحزب: ملاّ نور وحيدوف، وميرسعيد سلطان غلييف، وبرهان منصوروف (1889-1942).

كذلك أسست "المفوضية المركزية للشؤون الإسلامية" الكلية المركزية العسكرية في 29 يونيو من عام 1918م، وترأسها سلطان غلييف. كما أصدر الحزب جريدة "كومونيزم بايراق" أي "الراية الشيوعية".

تم حل "الحزب الشيوعي الإسلامي الروسي" ودمجه في الحزب الشيوعي الروسي في نوفمبر من عام 1918م.

لم يكتب النجاح لعدد كبير من تجارب مثقفي وحركيي مسلمي روسيا في بداية الثورة البلشفية، ذلك رغم عددهم الكبير ودورهم في دعم الثورة، وهذا يعود لعوامل عدة أهمها تبني الشيوعيين الروس للتيار الإيديولوجي الإقصائي مع استخدام جميع أدوات قمع الحريات، والإبادة في محاربة الدين وتهميش الشعوب المسلمة وثقافتهم.

وحسب المؤرخين السوفييت لم يكن هناك أي عضو مسلم في "المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي" من العام 1917 إلى العام 1953م، ومن دخل بعدهم عضوا أساسيا في هذا المكتب -حتى انهيار الإتحاد السوفييتي- لا يتجاوز الثلاثة فقط.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

أوكرانيا برس

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022