من يقف وراء "الحرب المختلطة" التي شنها ألكسندر لوكاشينكو ضد الاتحاد الأوروبي من خلال خلق أزمة الهجرة على حدود بولندا وليتوانيا ولاتفيا؟
هل يتصرف حاكم بيلاروسيا بمبادرة منه، أم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقف وراءه؟
هل تنسق قوات الأمن البيلاروسية والروسية تحركاتها؟
ما هو الدور الحقيقي للشركات الحكومية الروسية في خلق هذه الأزمة؟
لن نتمكن من الحصول على معلومات دقيقة حول التدخل الروسي إلا عندما يتم فتح الأرشيفين في موسكو ومينسك. والآن يمكننا فقط الاستماع إلى البيانات المتعلقة، المثيرة للجدل، الصادرة عن المسؤولين.
رئيس الوزراء البولندي، ماتيوس مورافسكي، على سبيل المثال، يتحدث مباشرة عن تورط بوتين. وفي موسكو، يتم رفض كل هذه التصريحات بسخط.
لكن ما يمكن أن نتحدث عنه بثقة كاملة هو اهتمام فلاديمير بوتين بمواصلة أزمة الهجرة التي تؤتي ثمارها؛ رغم العواقب السلبية المحتملة على روسيا نفسها، من خلال اتهامات جديدة لها وعقوبات أخرى.
على خلفية هذه الأزمة، يبدو بوتين مرة أخرى وكأنه الزعيم الوحيد الذي يمكنه مساعدة الاتحاد الأوروبي. كان هو الذي تم الاتصال به مرتين بالفعل على الهاتف للحديث عن الأزمة من قبل المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل.
الآن يمكن لبوتين أن يختار. بين "تهدئة" لوكاشينكو ووقف تطور الأزمة، أو إقناع الأوروبيين بالتفاوض مباشرة مع الحاكم البيلاروسي وتسوية الوضع.
إذا وافق السياسيون الأوروبيون على إجراء مفاوضات مباشرة مع مينسك، فستكون هذه هدية حقيقية، ليس فقط للوكاشينكو، ولكن أيضا لبوتين، حيث سيكون هذا الأمر اعترافا بالحاكم البيلاروسي كرئيس شرعي لبيلاروسيا.
إذا كان من الممكن التحدث اليوم مع لوكاشينكو، فليس مستحيلا أن يتم التواصل غدا مع قادة ما يسمى بـ"الجمهوريات الشعبية" في إقليم دونباس شرق أوكرانيا.
وعندما يقول لوكاشينكو إنه سيوقف إمداد الاتحاد الأوروبي بالغاز، قد يكون هذا -للوهلة الأولى- بمثابة ضربة لمصالح بوتين نفسه. ولكن، في الواقع، يتم التحكم في نظام نقل الغاز البيلاروسي من قبل شركة "غازبروم" الروسية، وقد اتضح مؤخرا أن المحتكر الروسي لا يمكنه الوفاء بالتزاماته تجاه المشترين.
على خلفية تصريحات لوكاشينكو، والتي قد لا تكون أكثر من مجرد تبجح، فإن الأصوات حول الحاجة إلى الحصول على شهادة في أقرب وقت لخط أنابيب الغاز Nord Stream 2 ستبدو أعلى.
حتى لا تعتمد "غازبروم" على تصرفات حاكم بيلاروسي لا يمكن التنبؤ به، ومن الضروري بالنسبة لها المصادقة على "نورد ستريم 2" في أقرب وقت ممكن، باستخدام المشروع بكامل طاقته.
النتيجة الحقيقية لهذا التخويف الذي يتعرض له الأوروبيون ستكون عزلة أوكرانيا عن مجال الطاقة. وأخيرا، زعزعة استقرار أوكرانيا نفسها.
نرى أن لوكاشينكو يذكر باستمرار أوكرانيا، من بين دول أخرى يعتبر أنها "تهدد حدود بيلاروسيا". رغم حقيقة أن أوكرانيا ليست عضوا في الناتو، والمهاجرون ليسوا في عجلة من أمرهم للوصول إليها.
لوكاشينكو يعرف كيف يثير اهتمام بوتين. من الواضح أن بوتين يريد زعزعة استقرار أوكرانيا.
يمكن أن تصبح إعادة توجيه أزمة المهاجرين نحو أوكرانيا عنصرا إضافيا وهاما للغاية في جهود الكرملين لزعزعة الاستقرار.
كل هذه الامور تكشف بوضوح أن لوكاشينكو تحول إلى "أداة"، يتم من خلالها تنفيذ خطط بوتين.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
أوكرانيا برس - الإعلام المحلي
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022