الصناعات العسكرية في أوكرانيا.. عوامل القوة والضعف

نسخة للطباعة2021.04.25

صفوان جولاق - كييف

بسبب الصراع الأوكراني الروسي المستمر منذ 2014 قد يتشكل تصور عام لدى الكثيرين بأن أوكرانيا ضعيفة جدا من حيث الإمكانيات العسكرية، ولا سيما أنها لم تتمكن على مدار 7 سنين من تحرير شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا جنوبا، ولم تخمد الحراك الانفصالي في إقليم دونباس شرقا.

لكن الصورة مخالفة لهذا التصور في حقيقتها، خاصة إذا ما علمنا أن أوكرانيا حاضنة أسرار السلاح السوفياتي إن صح التعبير، وورثت عن الاتحاد قرابة 30% من مؤسسات إنتاجه العسكري، أي نحو ألفي شركة ومؤسسة توظف أكثر من 700 ألف شخص، إضافة إلى 40% من بحوثه العلمية في هذا المجال.

من هذا الإرث الكبير أيضا هناك شركات إستراتيجية كبيرة الحجم والقدرات، مثل "أنتونوف" (Antonov) لصناعة الطائرات والمروحيات، ومصنع "ماليشيفا" (Malysheva) للدبابات، ومصنع "410" للطائرات المدنية، إضافة إلى مصنع "موتور سيتش" (Motor Sich) لمحركات الطائرات والتوربينات الغازية، وغيرها.

وإضافة إلى هذا الإرث أسست أوكرانيا في 2010 شركة "أوكر أوبورون بروم" (Ukroboronprom) للصناعات العسكرية، وتضم اليوم 130 شركة فرعية، وبواجهتها احتلت عام 2014 -أي قبل الحرب في دونباس- المركز الرابع عالميا من حيث تصدير الأسلحة والعتاد العسكري.

لكن مركز أوكرانيا بين المصدرين تراجع بعد الحرب إلى المرتبة الـ12، لأن معظم الإنتاج الحربي وجه للاستهلاك محليا على جبهة دونباس الشرقية.

خدمة الجيش والاقتصاد

مؤخرا، وبسبب التوتر الأخير مع روسيا أعلن المدير العام لشركة الصناعات العسكرية الأوكرانية يوري غوسيف أن الشركة جاهزة لمضاعفة إنتاجها من الأسلحة والمعدات الحربية وتزويد الجيش الأوكراني بها على خلفية التصعيد العسكري الحاصل في إقليم دونباس.

وفي سياق متصل، يقول فيكتور موجينكو -وهو خبير عسكري وعضو هيئة الأركان العامة في القوات الأوكرانية- "صناعاتنا العسكرية تبقى رائدة، خاصة بين الدول التي كانت سابقا تعتمد على السلاح السوفياتي، والتي تجد لدينا ما تحتاجه اليوم من سلاح وقطع غيار، خاصة بعد فرض الغرب عقوبات على مؤسسات عسكرية روسية كانت مصدرا رئيسيا بالنسبة لتلك الدول".

وأضاف "رغم الحرب وتراجع التصدير فإن أوكرانيا رفعت خلال السنوات الأخيرة حجم صادراتها من 700 مليون دولار قبل 3 أعوام إلى ما يتجاوز المليار دولار مع نهاية 2020".

نحو المزيد بمعايير الناتو

وتشهد الصناعات العسكرية الأوكرانية تحولا جذريا أساسه تطبيق معايير الناتو في التصميم والإنتاج كأحد شروط التقارب بين أوكرانيا والحلف، والابتعاد عن معايير الحقبة السوفياتية القديمة، والروسية الراهنة.

يقول الخبير موجينكو "بالإضافة إلى "السوق التقليدي" عقولنا تركز على ابتكار أنواع جديدة من الأسلحة عالية الدقة، وتطوير آليات ومركبات تراعي معايير الناتو وأفضل المواصفات العالمية".

وتابع "خلال الأعوام القليلة الماضية استطعنا -على سبيل المثال- تطوير مدرعتي "كوزاك" (Kozak) و"فارتا" (VARTA)، وتحديث مدرعتي "بي تي آر-3″ (BTR-3) و"بي تي آر-4" (BTR-4) ودبابة "أوبلوت" (Oplot)، إضافة إلى أنظمة صواريخ "ستوهنا" (Stugna) و"نبتون" (NEPTON)، وبهذا التطور شاركنا وتميزنا في معارض عالمية".

وأشار إلى أن أوكرانيا تتعاون في هذا الإطار وبشكل وثيق مع دول عدة في حلف الناتو، وعلى رأسها تركيا التي توصف العلاقات معها اليوم بـ"الإستراتيجية"، فتضم أكثر من 30 اتفاقية وصفقة للتصنيع المشترك، إضافة إلى عزم أوكرانيا تحديث قدرات جيشها بالتعاون مع تركيا وفرنسا والولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بسلاح الطيران والطائرات المسيرة.

أين الضعف؟

وبالعودة إلى عوامل الضعف الأوكراني في مواجهة "العدوان الروسي المستمر" كما تصفه كييف، يؤكد موجينكو أن "عقدة أوكرانيا في 2014 كانت غياب الجيش بالكامل عن المشهد، لأن البلاد كانت -نظريا- محمية بوثيقة بودابست 1994 التي انتهكتها روسيا كطرف ضمن وحدة وسيادة أوكرانيا على أراضيها مقابل التخلي عن السلاح النووي".

ولخص الخبير ضعف أوكرانيا اليوم بعاملين رئيسيين، أولهما هو التفوق العسكري لروسيا كما ونوعا رغم أن البلاد تسعى حثيثا لتغيير هذه المعادلة، والآخر -برأيه- هو افتقار الجيش الذي تأسس عمليا بعد الأزمة (بتعداد يقارب 250 ألف جندي حاليا) إلى الخبرة التي يسعى إلى اكتسابها أيضا من خلال التدريبات والمناورات المشتركة مع الناتو أو مع دول أعضاء فيه بشكل مستقل.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

الجزيرة

العلامات: 
التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022