ينتشر فن «الغرافيتي» في أرجاء كييف، إذ تغطي رسوم جدارية ضخمة جدران العاصمة الأوكرانية، حاملةً في غالبية الأحيان «رسائل سياسية».
ويعد عامل المناجم السابق الكسندر كوربان من كيروفسكه في منطقة دونيتسك، أحد أشهر فناني الشارع في هذا التيار الفني الجديد الذي يعكس النفس المنتشر في المدينة بعد الساعات الحالكة، إثر القمع الدموي للحركة الاحتجاجية في ساحة الميدان بداية العام الماضي.
ويمثل رسمه الجداري طفلاً يلهو بطائرات ورقية، وهو مهدى إلى ليف، نجل زوجين صديقين له ساعداه في هذه الظروف الصعبة على إيجاد ملاذ في العاصمة الأوكرانية. وقال كوربان: «عندما فكّرت في طفل يلعب بطائرات ورقية، فكرت أولاً بليف».
وهجر كوربان (28عاما) بلده الذي يحتله الانفصاليون المؤيدون للروس، هرباً من النزاع في شرق أوكرانيا الذي أسفر عن سقوط أكثر من ثمانية آلاف قتيل، منذ اندلاعه في نيسان (أبريل) العام الماضي. وعمل الفنان مدة خمس سنوات في منجم في «حوض دونباس المنجمي»، تركه المنطقة. وكان فن «الغرافيتي» بالنسبة له مجرد هواية، لكن بعض الرسوم الجدارية التي أنجزها لا تزال صامدة في هذه المنطقة.
وفي أقل من عام، شهد فن «الغرافيتي» انتشاراً كبيراً في كييف، إذ باتت جدران العاصمة مغطاة بعشرات الأعمال التي أنجزها فنّانون أوكرانيون وأجانب. .
ورسم الأسترالي غيدو فان هيلتن بورتريه للشاعرة الأوكرانية ليسيا أوكريانكا (1871-1913)، في حين أنجز الإسباني ثوسن بانديدو مخلوقات أسطورية مستوحاة من الفولكلور الأوكراني.
وللفنان الأوكراني اوليكسي بوردوسوف لوحة جدارية بعنوان «القديس جاورجيوس الأوكراني»، تمثل رجلاً في بزة فارس قوزاق برأس صقر- وهو الشعار الوطني الأوكراني - يطارد أفعى ذو رأسين، التي ترمز إلى التهديد المزدوج الذي تمثله روسيا المتهمة بدعم الانفصاليين المؤيدين لها ودول «حلف شمال الأطلسي» (ناتو).
ويوضح بوردوسوف «فكرتي تقوم على أن أوكرانيا أصبحت مسرحاً لمساومات في اللعبة الجيوسياسية بين الغرب والشرق»، مضيفاً «عندما يموت آلاف الأشخاص في بلدي، لا يمكنني تجاهل ذلك ورسم لوحةٍ لا تعكس الواقع».
واختار آخرون موضوع الحركة الاحتجاجية التي ظهرت في نهاية عام 2013 ومطلع العام الماضي وأدت إلى قلب النظام الموالي لروسيا بقيادة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش.
ورسم الأرجنتيني فرانكو فاسولي شخصاً يرفع علماً أوكرانياً محاطا بزجاجات حارقة ورجال ملثمين، فيما رسم البرتغالي الكسندر فارتو القتيل الأول الذي سقط خلال الحركة الاحتجاجية، وهو سيري نيغويان.
وأطلق عدداً كبيراً من الفنانين ما يُعرف بـ«مشروع المدينة للفن» الذي يهدف إلى إقامة منطقة فنية وسط العاصمة، وهم يبحثون عن مستثمرين وفنانين آخرين.
وتدعم السلطات البلدية وغالبية السكان هذا التيار، فيقول أحد القائمين على المشروع جيو ليروس إنه «خلال العمل على أحد الرسوم الجدارية، قدم لنا سكان المبنى الشاي والحلويات».
فيما يؤكد الإسباني بانديدو أن «السكان أُعجبوا كثيرا بعمله، وأن مدير حضانة أطفال طلب منه العمل على جدران مدرسته»، مضيفاً «ثمة أشخاص يتمتعون بالطاقة ويحاولون جعل هذه المدينة أكثر انفتاحاً»، ولكن البعض ما زال يعارض ذلك، وأوضح «عندما كنا نعمل على رسم ليسيا أوكراينكا، أتت امرأة مسنة لمقابلة الفنان وبدأت تصرخ، قائلة إنها لن تسمح إلا بصورة للينين على منزلها».
على رغم ذلك، أصبح فن الـ«غرافيتي» عنصراً أساسيا في كييف، وباتت النزهات السياحية على الدراجات الهوائية تشمل محطة أمام هذه الأعمال. وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو: «هذه الأعمال الفنية الجديدة تتماشى على نحو مثالي مع النمط العصري الأوروبي الجديد في المدينة».
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
AFP
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022