محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
تعود الطمأنينة تدريجيا إلى الشارع الأوكراني بعد انتهاء عنف المواجهات، لكن البلاد تقف الآن أمام سيناريوهات صعبة قد تحمل الكثير من العنف في جعبتها، سببتها تلميحات لانفصال بعض أجزائها، وللتعبئة وتشكيل "كتائب منظمة" تتصدى للـ"المجموعات المسلحة التي سيطرت على السلطة في البلاد".
ويرى مراقبون أن مؤتمر السبت في مدينة خاركيف، الذي جمع نواب برلمان إقليم شبه جزيرة القرم جنوبا، ونواب الإدارات المحلية في أقاليم ومدن شرقا، هو مؤشر وضح على وجود هوة كبيرة بين رؤية الشرق والغرب لمستقبل البلاد.
ورأى عدد من نواب المعارضة أثناء جلسة البرلمان يوم الأمس أن المؤتمر كشف نوايا تقسيم البلاد، ودعا علنا إلى مواجهات مسلحة بين الأوكرانيين تقود إلى حرب أهلية.
تهديدات
لم تشهد أقاليم ومدن الشرق الأوكراني تفاعلا يذكر مع دعوات المؤتمر، لكن التفاعل كان واضحا في إقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا، حيث تظاهر الآلاف في مدينة سيفاستوبل ذات الغالبية الروسية على البحر الأسود، هاتفين لحقهم في تقرير مصير المدينة، ومصوتين لصالح تعيين رجل الأعمال الروسي أليكسي تشالي مسؤولا عنها.
كما صوت الحشد لصالح وقف دفع الضرائب للعاصمة كييف، وهددوا بإغلاق المدينة على غرار ما كان عليه حالها قبل الاستقلال ولسنين بعده، إذا كانت تعتبر مدينة عسكرية خاصة، لا يسمح للأجانب بدخولها، وهي المدينة التي يرابط الأسطول البحري الروسي على سواحلها.
وكان البرلمان القرمي قد هدد بانفصال الإقليم عن أوكرانيا في حال تمت الإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش، وضد هذا التهديد تظاهر يوم الأمس الآلاف من تتار القرم في وسط مدينة سيمفروبل عاصمة الإقليم الذي يتمتع أصلا بنظام حكم فيدرالي، مطالبين بحل برلمان القرم، ورافضين انفصاله عن باقي الأراضي الأوكرانية.
رفعت تشوباروف رئيس مجلس شعب تتار القرم أكد وجود نوايا لفصل الإقليم تدعمها روسيا بهدف زعزعة استقرار البلاد والضغط على السلطات الجديدة.
وأكد أن غالبية القرميين لن تقبل بذلك، مشيرا إلى أن التتار والأوكرانيين يشكلون نحو 55% من سكان الإقليم، وولائهم لبلادهم لا لروسيا، على حد قوله.
سحابة سوداء
سحابة سوداء تقترب من أوكرانيا، يرى البعض أنها أخطر تهديد تتعرض له البلاد منذ الاستقلال، لكن آخرين يعتقدون بتفاؤل أنها ستزول قريبا.
يقول إيهور كوهوت رئيس مركز "التشريع السياسي" إن البلاد تقف أمام سيناريوهات محتملة خطيرة قد تدعمها روسيا، فإما التقسيم أو الفيدرالية، لتكون الأجزاء الشرقية باقية في معسكرها وحامية لحدودها، أو استخدام ورقة التهديد بالتقسيم والفيدرالية لعودة رموز السلطات السابقة إلى أماكن في سدة الحكم، ولروسيا في ذلك مصلحة أيضا، كما يرى.
أما أوليكساندر بالي الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة النهار "دين" الأوكرانية، فقال إنه يستبعد تمزق البلاد أو انجرارها إلى حرب أهلية، مشيرا إلى أن "أجواء وتوترات" اليوم لا تختلف كثيرا عن تلك التي كانت بعد الثورة البرتقالية، التي أوصلت الموالين للغرب أيضا إلى الحكم.
واعتبر أنه لا توجد لروسيا مصلحة في إشعال حرب قرب حدودها، لكن لديها مصلحة في إفشال "الثورة"، على حد وصفه، من خلال استخدام وسائل الضغط السياسية والاقتصادية على السلطات الجديدة.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022