محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
برز التتار كأشد الرافضين لاستفتاء تقرير المصير المثير للجدل، المقرر إجراؤه يوم الغد في إقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا، الذي وضع الإقليم أمام خيار الانضمام إلى الأراضي الروسية، أو البقاء ضمن حدود الدولة الأوكرانية.
يصر التتار على انتمائهم وتبعية القرم لأوكرانيا، ولن يقبلوا بالانتماء والتبعية لروسيا التي عرقلت مساعي أي حلول لقضاياهم كأقلية اضطهدت وهجرت قسرا عام 1944، كما يقول مسؤولون في مجلس شعب تتار القرم، الذي يعتبر أبرز مؤسسة تترية ذات طابع سياسي.
ورفض التتار للاستفتاء ينبع من إدراكهم لحقيقة أن الأمور تسير حتى الآن نحو فصل القرم عن أوكرانيا وضمه لروسيا، بحسب مسؤولين في المجلس، بدءا من رفع العلم الروسي على المباني الحكومية وتعيين حكومة قرمية متشددة موالية بامتياز لروسيا، ومرورا بمحاصرة المطارات والقواعد العسكرية الأوكرانية، وانتهاء بحملات دعائية وضعت السكان أمام خيار التبعية لروسيا أو "للفاشيين"، دون وجود حملات مضادة.
إلزارا يونوسوفا صحفية تترية قالت إن التتار متخوفون من اضطهاد وتهجير قد يتعرضون له بعد الاستفتاء، لأنهم أقلية تعتبر أن مشاكلها ومشاكل أوكرانيا مرتبطة بهيمنة روسيا على مقدرات البلاد.
مغازلة واستمالة
يشكل التتار نسبة لا تتعد 20% من إجمالي عدد سكان القرم البالغ نحو 2.5 مليون نسمة، لكن الأيام الماضية شهدت اهتماما باستمالتهم للعدول عن موقفهم الرافض.
فرئيس جمهورية تتارستان زار قبل مدة الإقليم وبحث مع قادة المجلس موقفهم من الاستفتاء، وقبل يومين، لمحت الحكومة القرمية إلى أن منصب نائب رئيس الحكومة ومنصب نائب رئيس البرلمان ستكون للتتار.
والأكثر وضوحا في إطار "المغازلة ومحاولات الاستمالة" إن صح التعبير هو مكالمة هاتفية أجراها النائب البرلماني والزعيم السابق للمجلس التتري مصطفى جميلوف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استمرت لنحو نصف ساعة، أكد من خلالها بوتين على أنه يتم موقف جميلوف كشخص يحب وطنه، ولكن "مستقبل القرم هو خيار أبنائه".
بقي التتار على مواقفهم من الاستفتاء ونداءات الانفصال، وهي "مواقف تستند إلى حقيقة أن التتار أوكرانيون، لا يقبلون تغيير الوطن أو تسليمه لدولة أخرى، وبعض النظر عن العروض التي تمنح لهم"، كما قال علي حمزين رئيس قسم العلاقات الخارجية في المجلس التتري.
وأكد حمزين أن التتار سيقاطعون الاستفتاء، لكنهم لن يمنعوه، خشية أن يتطور ذلك إلى توتر يدخل القرم في مواجهة بين أبنائه.
توجيه روسي
ويعتبر التتار أن ما يحدث في القرم حراك مصطنع توجهه روسيا لاحتلال القرم أو فصله عن أوكرانيا، ويستند إلى ذرائع واهية، تتعلق بحماية الأقليات الروسية (نحو 50-60% وفق إحصائيات مختلفة) ورغبتها في الانضمام إلى روسيا.
رئيس مجلس شعب تتار القرم رفعت تشوباروف قال في تصريح له يوم الأمس إنه الأمور محسومة فيما يتعلق بنتائج الاستفتاء، وكل ما يحدث الآن في القرم يتم بإدارة وتوجيه مباشر من قبل موسكو.
وأضاف تشوباروف أن توجه القرم نحو الانفصال بات واقعا، وإن لم يتم ذلك فلن يعود إلى سابق عهده في أفضل الأحوال، في إشارة إلى تعاظم الوجود العسكري الروسي، وسيطرة الموالين لموسكو على الحكم فيه.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022