محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
تساؤلات كبيرة بات يثيرها الموقف الخارجي من الأزمة الأوكرانية المستمرة منذ ثلاثة أشهر، وخاصة بعد اندلاع مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن قبل نحو 3 أسابيع.
فقد تحول هذا الموقف –بحسب مراقبين- من مجرد متابعة وقلق ووعود وتأييد إلى تدخل مباشر، يصل إلى حد إدارة مسار الأزمة وتوجيهها.
ويستشهد أصحاب هذا الرأي بالزيارات الأسبوعية لمسؤولية السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون وغيرها من المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين إلى أوكرانيا، وكثرة الحديث مؤخرا في أوروبا وأمريكا عن عقوبات وشيكة ضد السلطات الأوكرانية "لعدم تلبيتها مطالب المحتجين".
ويستشهدون أكثر بالمكالمة المثيرة للجدل بين مساعدة وزير الخارجية الأمريكي فيكتوريا نولاد وسفير بلادها في كييف، التي انتقدت من خلالها ضعف دور الاتحاد الأوروبي، وعبرت عن "عدم رغبتها بوجود زعيم حزب الضربة "أودار" فيتالي كليتشكو في أية حكومة ستشكلها المعارضة".
إيهور كوهوت رئيس مركز التشريع السياسي في كييف اعتبر أن هذه المكالمة بينت أن روسيا تراقب المكالمات في أوكرانيا، لأنها هي التي سجلت ونشرت المكالمة، وأن الولايات المتحدة بالمقابل تريد تحريك حجارة شطرنج الأزمة كما تريد، وبالتالي فإن تدخل روسيا والولايات المتحدة بات مباشرا ومكشوفا.
صراع يتأجج
ولا تنكر أطراف الأزمة أن البلاد ضحية صراع بين الشرق المتمثل بروسيا، والغرب المتمثل بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لكنهم يختلفون عند الحديث عن ماهية وحجم تدخلها.
النائبة عن حزب الأقاليم الحاكم أولينا بوندورينكو كانت قد صرحت بالقول إن حقيقة الأزمة صراع خارجي غير معلن، وأنه "على من يحب أوكرانيا من الطرفين أن يتركها وشأنها"، متهمة المعارضة بالولاء للغرب والعمل على تحقيق مصالحه.
وذهب النائب عن الحزب نفسه أوليه تساريف إلى أبعد من ذلك، فقال إن الولايات المتحدة تدعم الاحتجاج مباشرة من خلال سفارتها، ولو أرادت وقفه لفعلت، في إشارة على ما يبدو إلى مصالح الولايات المتحدة باستمرار الاحتجاز واستغلاله لسحب أوكرانيا من التبعية للمعسكر الروسي.
وفي ذات السياق، اتهمسيرغي غلازييف مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا الولايات المتحدة بدعم الاحتجاج والمعارضة، وبـ"تدريب وتسليح أنصارها داخل أراضي سفارتها"، ولمح إلى إمكانية التدخل وفق معاهدة أبرمت عام 1994، تضمن واشنطن وموسكو بموجبها أمن وسيادة أوكرانيا.
لكن النائب عن حزب الحرية "سفوبودا" أوليكسي كايدا نفى تأثر المعارضة بما يريده الغرب أو الولاء له، وقال إن روسيا تتدخل في شؤون أوكرانيا الداخلية منذ الاستقلال، و"الدعم الأوروبي" للاحتجاج يأتي في إطار أن أوكرانيا جزء من أوروبا، وأن الاحتجاجات موجهة لتحقيق قيم ومبادئ الاتحاد الأوروبي.
تدارك للخطأ
ويربط مراقبون هذا التحول في الموقف الخارجي بمحاولة الغرب تدارك "خطأ التردد" الذي واكب الأسابيع الأولى من الاحتجاج، ليسبقه الحسم الروسي بدعم السلطات وضمان بقاء أوكرانيا إلى صفه.
يقول المحلل إيغور كوهوت إن الغرب عاد بقوة إلى المشهد الأوكراني بعد المواجهات، وبات أكثر حزما ووضوحا مما كان عليه قبل اتفاقية خفض أسعار الغاز، وقرض الـ15 مليار دولار من موسكو إلى كييف.
ويضيف كوهوت: الاتفاقيات بين روسيا وأوكرانيا شكلت صدمة للغرب بتوقيتها وحجمها، لأنها أبقت أوكرانيا في صف روسيا لعشر سنوات عمليا، وهو الآن يحاول أن يتدارك هذا الخطأ بركوب موجة المستجدات، والعودة بالقوة إلى المشهد الأوكراني، من خلال التلميح بالدعم السياسي والمادي للاحتجاج والمعارضة.
انقسام داخلي
وفي خضم هذا الصراع الداخلي والخارجي على أوكرانيا، كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "المنتدى الأوكراني" أن الشعب منقسم بالتساوي إزاء الأزمة.
وجاء في تقرير للمؤسسة أن نسبة 45% من الأوكرانيين تؤيد الاحتجاج الذي اندلع بسبب قرار الحكومة تجميد مساعي الشراكة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، ومنها نسبة 17% تشارك بالاحتجاج فعلا.
وبين التقرير أيضا أن نسبة 45% من الأوكرانيين أيضا تؤيد مواقف الحكومة والرئيس فيكتور يانوكوفيتش، فيما يتعلق بالاتفاقية، وبطرق التعامل مع الأزمة عموما.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022