محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
تحولت الاحتجاجات الأوكرانية عن هدفها الرئيس، فباتت مطالب المعارضة والمحتجين أوسع من مجرد توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي لم يتم في نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، لتشمل اليوم تغيير نظام الحكم وقواعد اللعبة السياسية في البلاد من جذورها، كما يرى مراقبون.
ولهذا التحول أسبابه وذرائعه، ومنها توجه نظام الرئيس فيكتور يانوكوفيتش إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع روسيا بدل أوروبا، ثم حادثة فض احتجاج ميدان الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر، ثم سقوط قتلى وجرحى إثر مواجهات بين قوى الأمن والمحتجين قبل نحو أسبوعين.
ولا يستثني الخبراء من المشهد رغبة المعارضة الأوكرانية بتحقيق مكاسب سياسية، بالاستناد إلى قاعدة الاحتجاج التي أجبرت يانوكوفيتش على تقديم تنازلات وعروض مفاجئة، أبرزها منح المعارضة فرصة تشكيل حكومة جديدة، والتلويح يوم الأمس بإمكانية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة.
حكم مطلق
لكن المعارضة ترفض العروض والتنازلات، وتصر على الوصول إلى حكم مطلق يغير المشهد السياسي وقواعد لعبته بالكامل، حتى لا يكون ليانوكوفيتش وحزبه أي أثر يعرقل عزمها دفع البلاد نحو التكامل مع أوروبا، كما يكرر قادتها.
فإلى جانب تنحي الرئيس وإجراء الانتخابات، تصر المعارضة الآن على تعديل الدستور وإعادة نظام الحكم إلى شكله البرلماني (كما في دستور العام 2004)، لتتراجع صلاحيات الرئيس كثيرا، ويكون للحكومة والبرلمان الدور الأكبر.
وتوضيح يوليا تيشينكو الخبيرة في مركز الدراسات السياسية المستقل في العاصمة كييف هذا الإصرار، فتقول إن حكومة المعارضة ستصطدم بصلاحيات الرئيس وأغلبية حزب الأقاليم الحاكم الحالية في البرلمان، ولهذا لا تريد أن تحقق مكسبا سياسيا مؤقتا فيه الكثير من عوامل الفشل والعجز.
ويعتبر النائب عن حزب الحرية "سفوبودا" المعارض يوري ليفتشينكو أن ظاهر ما يقدمه الرئيس من عروض مغري، ولكنه فخ يضع المعارضة أمام أزمات خلقها نظام يانوكوفيتش وحكومة ميكولا آزاروف المستقيلة، خاصة تلك المتعلقة بالديون الروسية.
وفي سياق متصل، يشير ليفتشينكو إلى "حتمية" أن تضغط روسيا على اقتصاد أوكرانيا لإفشال حكومة المعارضة، بعد أن تجمد كل اتفاقياتها الأخيرة مع أوكرانيا.
دعم غربي
وفي خضم هذا الجدل، عاد الموقف الأوروبي إلى التأثير بقوة، وباتت أوكرانيا محطة أسبوعية لزيارات مسؤولة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، التي تلتقي اليوم مجددا يانوكوفيتش وقادة المعارضة في كييف.
آشتون تصف زياراتها المتكررة بأنها محاولة لإيجاد حل سياسي للأزمة الأوكرانية، يستند إلى الحوار بين النظام والمعارضة، ولكن آخرين يرون فيها دعما غير معلن للمعارضة.
تقول الخبيرة يوليا تيشينكو إن الحسم الروسي سبق التردد الأوروبي في بداية الأزمة، وأوروبا اليوم تعمل جاهدة على استغلال التطورات لسحب أوكرانيا من التبعية المطلقة للمعسكر الروسي، نحو الحياد ثم التبعية للغرب.
وتشير تيشينكو في هذا الإطار إلى أن أوروبا تحث الرئيس يانوكوفيتش على تقديم تنازلات أكبر، وتتحدث بعض دولها عن عقوبات بحقه إذا لم يفعل، وتلمح إلى قروض لحكومة المعارضة المرتقبة تصل إلى 15 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، أي ما يعادل قيمة القرض الروسي.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022