محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
ما إن صوت النواب عليه رئيسا للبرلمان، حتى أعلن أليكساندر تورتشينوف أن الوضع الاقتصادي الأوكراني "كارثي"، وبحاجة عاجلة إلى مساعدات خارجية.
وشهدت أروقة البرلمان حراكا مكوكيا جمع تورتشينوف مع رئيس البنك المركزي ستيبان كوبيف ورؤساء البنوك العاملة في أوكرانيا لبحث تدهور الاقتصاد، وتراجع العملة المحلية "الهريفنة" سريعا أمام الدولار بنسبة تجاوزت 25% خلال الأيام السبعة الماضي (من 8.2 إلى نحو 10.5 عن الدولار الواحد)، ووقف خروج رؤوس الأموال من البلاد.
وكأجراء تقشفي يعكس خطوة الأوضاع، أمر اليوم رئيس الوزراء أرسيني بمنع صرف ميزانية الدولة على السيارات الحكومية والامتيازات، واستخدام السيارات الخاصة للتنقل.
مخاوف انعكست على الشارع الأوكراني مباشرة بهاجس الإفلاس، خاصة مع إغلاق أو إحجام الكثير من البنوك عن صرف الأرصدة وشراء الهريفنة، وتوقف معظم آلات الصرافة عن العمل، والارتفاع الملحوظ لأسعار المحروقات، لتبقى جيوب غالبية الأوكرانيين رهن المجهول، بدخل محدود لا يزيد وسطيا عن 300-400 دولار.
35 مليار دولار هو حجم المساعدات الخارجية الذي تريده أوكرانيا خلال عامين، منها مليارا دولار بصورة عاجلة لإعادة الاستقرار إلى العملة والطمأنينة إلى البنوك، كما أعلن زعيم حزب الضربة "أودار" فيتالي كليتشكو.
جدلية الدعم
وفي ظل التصعيد الروسي ضد السلطات الجديدة، تعول الأخيرة على دعم الاتحاد الأوروبي والأمريكي، بعد أن كان البرلمان الأوروبي قد تحدث عن مساعدات بحجم 20 مليار دولار لأوكرانيا عبر صندوق النقد الدولي؛ وهنا يشكك الخبراء بإمكانية تحقيق هذا الدعم، في ظل اقتصاد أوروبي متعثر وأمريكي مفلس.
أندريه يرمولايف الخبير في مركز "صوفيا" للدراسات الاقتصادية قال إن الدعم الأوروبي غير واضح المعالم والشروط، ولا يمكن التعويل عليه عمليا، مشيرا إلى أن فوائد صندوق النقد قد تصل إلى 17%، ومن شروطه رفع سن التقاعد والأسعار، وهذا لن يخدم الأوكرانيين، وسيكون أثر كارثية على المدى البعيد.
ويؤكد يرمولايف أن روسيا هي الشريك الاقتصادي الأكبر بالنسبة لأوكرانيا، وأن الاقتصاد الأوكراني يعتمد على علاقات طبيعية مع موسكو، من خلال استيراد 70% من احتياجات الغاز، وتصدير 80% من البضائع عبر الحدود الروسية، إضافة إلى الصناعات الثقيلة المشتركة، في مجالات الطيران والسلاح والفضاء.
وبالمقابل رأت فيكتوريا موفتشان الخبيرة في مركز الدراسات الاقتصادية أن الغرب حقق بانتصار المعارضة ما لا يمكنه من التخلي عن أوكرانيا بعد أن أصبحت إلى صفه، وهو معني بدعم اقتصادها رغم ما يعانيه، وهذا سيكون بالدعم المباشر بداية، ثم بتفعيل الاقتصاد القوي بالإمكانيات المحلية لولا الفساد، على حد قولها.
ولكن موفتشان أقرت بأن مهمة الاتحاد الأوروبي هذه ستكون صعبة، متوقعة أن تمارس موسكو ضغوطا وتفرض عقوبات وشيكة على كييف، تماما "كما فعلت لإفشال نظام الحكم البرتقالي بين 2005 و2010"، وأولها رفع أسعار الغاز الذي يحرك عجلة الاقتصاد، أو حتى إيقاف إمداداته.
نوايا الدعم والتدخل
ويربط البعض بين نوايا الدعم الأوروبي وما تتخذه روسيا من إجراءات عسكرية على الحدود مع أوكرانيا، حتى لا تتورط بدعم دولة ضعيفة، أو حتى بحرب مكلفة.
إيغور هولوبي نائب رئيس جامعة العلاقات الدولية في العاصمة كييف قال لإن إذا ما أقدمت روسيا على تدخل عسكري ضد أوكرانيا أو أجزاء منها، سيقف الغرب أمام خيارين، فإما دعم أوكرانيا كدولة ضعيفة ومحتلة لن تستطيع السداد، أو الدخول في مواجهة وحرب مع روسيا، مكلفة جدا وطويلة الأمد.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022