ما بين روغوزين وماسك وصعود النازية المتسارع وصولاً للفضاء

ايلون ماسك يؤدي تحية تشبه التحية النازية
نسخة للطباعة2025.01.22
عبد الرحمن عكل

تضج صفحات الانترنت بنقاشات حادة حول التحية التي قام بها ايلون ماسك في منصبه الجديد مع الحكومة الامريكية الواصلة حديثاَ الى البيت الأبيض! وبينما يحاول جمهور الإدارة الجديدة إنكار الواضح من أن التحية كانت اشارة متطرفة واضحة يتجاهل هؤلاء ان ايلون ماسك على العلن يدعم بل وفي كثير من الأحيان يمول الحركات اليمينية شديدة التطرف في الغرب, ناهيك عن ان أسرة ماسك هي اسرة كانت تتعاطف مع النازية بحسب ماسك نفسه ناهيك عن كونها من الأسر التي كانت جزء من مشروع التمييز العنصري بأسوأ أشكاله في جنوب افريقيا والتي حارب السكان الأصليين لإلغاءه
الغريب في هذه القصة ان شخصية ايلون ماسك المتطرفة العنصرية والتي تدعم جرائم اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني بتطرف هي نفسها الشخصية التي تدعم نظريات مؤامراتية عن اليهود في امريكا! والأغرب من ذلك أن ماسك كان وكانه يلبس قناعاً في بداية حياته المهنية وقد اوحى للجميع انه شخصية رومانسية من زمن الاحلام, يعمل لصعود الفضاء بافضل الطرق! هي نفس الشخصية التي روجت لها هوليود على انه حالم لجعل البشرية مكان أفضل من خلال العلم والاكتشافات والعمل. هذه الشخصية كانت تبدو متسقة مع رواد مجال الفضاء الحالمين من امثال كورالوف وارمسترونغ وغاغارين, الشخصيات التي حاول كثير من الاطفال استنساخها في حلم الصعود الى الفضاء والذي كان يشغل الاطفال بعيدا عن عنصرية العالم وقبحه ومشاكله وحروبه! لذلك مجال حالمي الفضاء كان يفتح مجال كبير للرومانسية لكل من يؤمن بأن هذا العالم ممكن ان يكون افضل وان تعمل البشرية لخير البشرية.
وعلى الرغم من انه حتى في ذلك الوقت الواقع كان مختلف وان مجال الفضاء كان يحصل على التمويل من الحكومات كجزء من ميزانية التسلح والسيطرة والقوة لكن على الاقل كان الشباب الحالم مخدوعا
بفكرة رومانسية هي ملجأ من مشاكل هذا العالم

روغوزين وماسك

الغريب انه حتى في ظل النظام السوفيتي القاسي نشأت طبقة رومانسية كبيرة تحلم بقوة بحلم الفضاء بدأت مع اختراعات كورالوف ونجاحات غاغارين, فالطبيعي والمنطقي هو انتظار جيل حالم يصل الى السلطة يوما ما ويحاول ان يحقق حلمه في الابداع لجعل العالم مكان افضل, لكن الحكومة الروسية اختارت من بين الروس جميعا دميتري روغوزين ليكون مدير روسكوسموس المؤسسة المسؤولة عن مشروع روسيا في الفضاء عام 2018 وبقي في هذا المنصب حتى اختاره بوتن لمساعدته في ادارة المناطق المحتلة من اوكرانيا, الملفت للنظر هو ان روغوزين في شبابه كان يملك نشاط كبير ضمن مجوعات شبابية نازية والمفارقة انه كان يخرج بمظاهرات تقوم بنفس الحركة التي قام بها ماسك! لا يعني هذا نظرية مؤامرة من اي نوع! كل من روغوزين وماسك كانا اعداء بشكل كبير جدا والانترنت كان شاهدا على العداء الكبير بينهما على الموقع الشهير تويتر قبل ان يشتريه ماسك كيف كان روغوزين يسخر من مشاريع ماسك الفضائية بعبارته الشهيرة بالروسية "استخدموا الترامبولين" في اشارة الى عدم قدرة ماسك في ايصال صواريخه الى المدارات المطلوبة دون مساعدة روسيا ليأتي رد ماسك بعد سنوات " لقد نجح الترامبولين"

العنصرية في روسيا

اذا فالشخصيتين كانوا على عداء مهني وشخصي لكن الغريب ان اهم دولتين في العالم في مجال الفضاء في مرحلة من المراحل يتحكم في مشاريعهما الفضائية شخصيتين نازيتين! فهل هذا صدفة؟
في الحقيقة نعم! هو صدفة وليس صدفة في نفس الوقت! لا يوجد اي مؤامرة لتواجد هكذا اشخاص على رأس مشاريع هي من اكثر مشاريع البشرية رومانسية وتطلع للمستقبل! لكن الحقيقة أن النازية التي تنتشر الان في العالم انتشار النار في الهشيم كما أنها سيطرت على روسيا وشوارع روسيا لنجد ان عصابات السكين هيدز كانت تفعل ما يحلو لها في شوارع روسيا قبل ان يعلن بوتن الحرب على اوكرانيا بحجة "محاربة النازية" في نفس الوقت الذي يجند فيه نازيين من مجموعة "روسيتش" العسكرية النازية ويستخدم جماعة فاغنر الذي اسسها النازي اوتكين وسماها ب فاغنر تيمنا بموسيقار هتلر المفضل! ان تصاعد النازية لتصل ك "فلسفة" الى رأس الهرم نفسه في روسيا بوتن المتأثر بفكر ألكساندر دوغين صاحب الفكر النازي والذي يرى دون اي مجال للشك ان الامة الاوكرانية يجب ان تمحى من الوجود! وهو امر لطالما اقر به بوتن نفسه عندما كرر في اجتماعات مغلقة مع قادة العالم انه لا يؤمن بوجود اوكرانيا اصلا قبل ان يكرر نفس الفكر النازي في مقابلته مع تاكر كارلسون وينكر وجود شعب كامل على العلن, اذا لم تعد النازية في روسيا مقتصرة على شباب في شوارع موسكو يعتدون على الاجانب او يرمون الموز للاعبي كرة القدم الاجانب في المباريات! اصبحنا أمام كتائب كاملة مسلحة وهي تفكر بفكر نازي فيه رفع من شأن جماعة بشرية معينة وتفضيل على أعراق أخرى وهم لا يملكون اي مشكلة في ان يقاتلوا فيقتلون او يقتلوا في سبيل هذا الهدف! وقد تجلى هذا الفكر ليس فقط في حرب الدونباس ضد الشعب الاوكراني بل ايضا في سوريا باستمتاع مقاتلي فاغنر بتعذيب السوريين لانهم من غير جلدة قبل قتلهم باسوء الطرق واكثرها همجية

العدوى تصل للغرب

على الرغم من ان الحقيقة ان الفكر القومي المتطرف بل وحتى النازية لم تفارق فعليا اوربا لكنها بقيت مختبئة وخجولة بعد حقبة الحرب العالمية الثانية, لكن الحركات اليمينية بدأت تتزايد قوتها بشكل كبير خاصة في الأعوام الاخيرة وصولا الى وجود شخصيات من الواضح انها تحمل فكر في غاية التطرف تجد ان كل المشاكل حلها في التخلص من "الغرباء" من لا يشبههم في الشكل او العادات, وصولا الى اللحظة التي نعيشها اليوم! اغنى رجل في العالم الشخصية التي سوق لنا انها شخصية منفتحة حالمة تصبح شخصية متطرفة مريضة تدعم التطرف في كل مكان في العالم وتضع كل امكانياتها بما فيها المال او المنصات الاعلامية كمنصة اكس للترويج للفكر المتطرف! اذا ايلون ماسك لم يكن يختلف كثيرا عن دميتري روغوزين! وما نراه اليوم من تسلق لشخصيات نازية سلم المناصب الرفيعة قد يكون الانذار الاخير للبشرية قبل العودة الى حقبة الحروب العرقية على اساس عنصري بحت! قد يقول قائل ان هذه مبالغة لكن تذكروا عندما وصل روغوزين الى روسكوسموس لم يكن احد يعلم ان مشروعه ومشروع دوغين سيتحول الى حقيقة وان مئات الالاف سوف يفقدون حياتهم وملايين يهجرون من منازلهم في سبيل فكرة مرضية هدفها سيطرة مجموعة بشرية على الاخرى
لذلك قد يعتبر البعض ان ما يحصل هو مجرد مجموعة من التهريج لكن الحقيقة السوداوية ابعد بكثير! الحقيقة هو انه على ما يبدو فقد أخطا فوكوياما مرات ومرات عندما ظن ان الديمقراطية هي نهاية التاريخ وان العصبية القومية عائدة وبقوة وستكون هي الفكر السائد في الغالب للمرحلة القادمة مع انحسار تدريجي للفكر الليبرالي والديمقراطي في الغرب, مما ينذر بترجمة هذا الفكر الخطير لافعال عن طريق اشعال فتيل الحروب حول العالم او التنكيل بالطبقات المستضعفة من اللاجئين الفارين اصلا اما من جماعات نازية او عصابات قد تكون تخضع للغرب نفسه
بالنهاية قد يكون الامل الوحيد هو توعية الطبقات الفقيرة والمستضعفة التي تدعم الاحزاب والحركات المتطرفة بسبب الفقر والبطالة يجب توعيتها بأن حطب هذا المشروع المستعر سوف تكون للاسف ارواح ابنائهم! وكما دفع الروس اكثر من مليون من ابناء شعبهم بين قتيل وجريح في سبيل مشروع دوغين المتطرف فانه لن يكون مفاجئة ان يكون ستيف بانون مثلا هو دوغين امريكا ليحرك العالم الى محرقة بشرية أخرى!

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022