محطات من قصة المسيحية على الأرض الأوكرانية

كنيسة الروم الكاثوليك في مدينة لفيف
نسخة للطباعة2022.11.20
د. أمين القاسم

المسيحية في أوكرانيا هي أكثر الأديان انتشارا في أوكرانيا حيث تصل نسبة معتنقيها إلى 90% من عدد السكان، وتأتي الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية في مقدمة الطوائف المسيحية بكنائسها الثلاث: الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية- بطريركية كييف، الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية- بطريركية موسكو (وهي تخضع للسلطة الروحية للبطريرك كيريل في موسكو)، والكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المستقلة.

يتبع الكنسية الأرثوذكسية عموما حوالي 67% من مجمل السكان، أما أتباع الكنيسة الكاثوليكية الأوكرانية فهم حوالي 9.4%.

الكنيسة الأوكرانية الكاثوليكية: هي أكبر الكنائس الكاثوليكية الشرقية، إذ يبلغ عدد أتباعها في أوكرانيا حوالي 4.3 مليون، وهي تقر بسيادة البابا، ولها بطريركها الخاص وأساقفتها. وتنتشر بشكل خاص في مقاطعات لفيف وإيفانو فرانكيفسك وتيرنوبل ومدينة كييف.

كذلك توجد طوائف أخرى من المسيحيين في أوكرانيا مثل البروتستانت (حوالي 150 ألف) وشهود يهوه وغيرهم.

وهنا نستعرض بعض المحطات في تاريخ المسيحية في أوكرانيا

  • يعتقد الباحثون أن النصرانية دخلت إلى أوكرانيا في القرن 2م على يد القوط وهم من القبائل الجرمانية الشرقية.
  • القديس أندراوس: يُعد –حسب المعتقد المسيحي- أحد رسل يسوع المسيح الإثني عشر، وهو من مواليد مدينة بيت صيدا التاريخية في الجولان السوري المحتل، وهو شقيق بطرس الرسول، وقد بشّر القديس أندراوس بالمسيحية في جنوب أوكرانيا وفي موقع مدينة كييف الحالية عام 55م، وهو موضع تبجيل في الكنائس الأوكرانية.
  • بابا الكنيسة الكاثوليكية الرابع كليمنت الأول بين عامي 92- 98م، توفي في منفاه في خيرسونيس بالقرم، ونقل رفاته عام 869م إلى روما.
  • بحلول القرن التاسع الميلادي كان أغلب السكان السلاف في غرب أوكرانيا من المسيحيين.
  • أدخل أمير كييف فلاديمير الأول بين عامي 980- 1015م المسيحية إلى إمارة "كييف روس" وأصبحت الدين الرسمي للبلاد، وأنشأ فلاديمير الأول المدارس والكنائس، وقام بحماية الفقراء وأدخل المحاكم الكنسية.
  • خلال القرنين العاشر والحادي عشر كانت إمارة "كييف روس" مسيحية والدولة الأكبر والأقوى في أوروبا.
  • حدث عام 1054 الإنشقاق العظيم حيث انقسمت الجماعة الدينية المسيحية إلى ما أصبح يُعرف الآن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والكنيسة الشرقية الأرثوذكسية، الخلاف كان بشأن قضايا لاهوتية وعقائدية وسياسية مثل مسألة انبثاق الروح القدس، وأحقية ادعاء بابا روما بامتلاكه سلطة بابوية عالمية، وموقع بطريرك القسطنطينة المسكوني في الديانة المسيحية، والسلطة على الكنائس.
  • كان مقر الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية في مدينة كييف، وتبعت بطريركية القسطنطينية المسكونية منذ تنصيرها ثم انتقل مقرها إلى موسكو عام 1352م، وانفصلت أبرشية موسكو عن كييف عام 1448م، واعترفت بها بطريركية القسطنطينية المسكونيةعام 1589م، وهنا لم تستطع الكنيسة الأوكرانية الإنفصال عن الكنيسة الروسية لعوامل وأحداث تاريخية.
  • في القرن 16م تحول العديد من الأوكران إلى الكاثوليكية، بينما حافظ القوزارق في وسط وشرق أوكرانيا على مذهبهم الأرثوذكسي.
  • أسس اليسوعيون في العام 1661م جامعة لفيف بدعم من الملك البولندي يان الثاني الذي حكم بين عامي 1648- 1668م، وقد أصبحت هذه الجامعة مركزا ثقافيا للكنيسة الأوكرانية الكاثوليكية خلال حقبة ملكية هابسبورغ إلى العام 1806م.
  • اندلعت عام 1768 انتفاضة أوكرانية قادها القوزاق ضد البولنديين واليهود، وتصاعد النزاع الديني بين الكاثوليك والأرثوذكس، والتوتر في الولاءات السياسية البولندية والروسية.
  • تسمح الكنيسة الأوكرانية الكاثوليكية بزواج الكهنة، شرط أن يتم قبل نيل "السر"، الأمر الذي أدى إلى تشكيل طبقة أو سلالة كهنوتية من رجال الدين الأوكران أُطلق عليهم إكليروس أوكرانيا الغربية خلال الحكم النمساوي للبلاد، وهم أشبه بطبقة النبلاء، تمتعت بمستوى علمي وثقافي وسياسي كبير، وأصبحت طبقة رجال الدين الأوكرانيين الغربيين طبقة استقراطية كبيرة في البلاد.
  • ساهم رجال الدين الكاثوليك الأوكران في نشر اللغة الأوكرانية، وتأسيس المدارس ونشر التعليم في القرى والبلدات الأوكرانية، الأمر الذي أدى إلى نهضة ثقافية تنويرية في البلاد، وقد ضعف تأثير رجال الدين مع بداية القرن العشرين واضمحل مع سيطرة الشيوعيين على البلاد، وقد درس أبناء وبنات الكهنة علوم التمريض والطب والسياسة والأدب والموسيقى.
  • بعد إنهيار القيصرية الروسية أُعلن عام 1917م عن إنشاء الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية خلال حقبة جمهورية أوكرانيا الشعبية، والتي استمرت حتى أوائل عقد 1930م. وفي العام 1921م أُعلن عن تأسيس الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المستقلة في كييف. وفي العام 1924م قررت بطريركية القسطنطينية المسكونية عدم شرعية نقل بطريركية كييف إلى موسكو.
  • خلال الحقبة السوفيتية بين عامي 1922- 1991م تعرضت الكنائس المسيحية في أوكرانيا للقمع والإضطهاد والمصادرة، ودمرت الكنائس والمعابد وتعرّض رجال الدين للملاحقة والإعدام، وتم حظر الأدب والتبشير الديني. ولكن بشكل عام وبعد الحرب العالمية الثانية كانت الكنيسة المسيطرة على المشهد في أوكرانيا هي الكنيسة الروسية الأرثوذكسية، وبدعم غير مباشر من السلطات السوفيتية.
  • في العام 1990م أصبحت الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية - بطريركية موسكو كنيسة شبه مستقلة تتبع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. وفي العام 1992م تأسست الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية- بطريركية كييف.
  • في العام 2018م اعترفت بطريركية القسطنطينية المسكونية باستقلال الكنيسة الأوكرانية عن موسكو، ووُقع القرار الرسمي بتأسيس الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية في 5 يناير عام 2019م في اسطنبول، لتتلقى الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا اعترافا من 4 كنائس أرثوذكسية مستقلة أخرى –القسطنطينية والإسكندرية واليونان وقبرص- بالكنيسة الجديدة، في المقابل قطعت بطريركية موسكو شراكتها مع القسطنطينية بسبب دورها في إنشاء الكنيسة الجديدة.
  • تضم الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية: الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية- بطريركية كييف مع كنائس أخرى، بواقع أكثر من 7 آلاف أبرشية، لتصبح بهذا الكنيسة الأكبر في البلاد.

كثير من المراقبين للوضع السياسي في أوكرانيا يرون أن العامل الديني يشكل بعدا آخر لحرب روسيا على أوكرانيا إضافة للعاملين السياسي والعسكري، وقد تعاظم هذا الدور بعد سيطرة روسيا على القرم عام 2014م، واستقلال الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية بمباركة البطريرك المسكوني ورئيس أساقفة القسطنطينية وروما الجديدة برثلماوس الأول عام 2019م، الأمر الذي أغضب الكنيسة الروسية الأرثوذكسية ودفعها للضغط على الكرملين لإتخاذ موقف عدائي ومتشدد ضد السياسات الأوكرانية وكنيستهم الجديدة.

 

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022