هل فضح بوتين هشاشة الغرب أم خسر رهانه؟

نسخة للطباعة2022.02.17

قالت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية في افتتاحيتها:

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اختبر تصميم الغرب وفضح ضعفه كما كشف عن أن مزاعم الاتحاد الأوروبي بشأن دوره في السياسة الخارجية لا أساس لها من الصحة

ثمة انقسام كبير في مواقف القادة الأوروبيين بشأن الأزمة الراهنة، حيث فضل بعضهم انتهاج سياسة ترقى إلى تهدئة موسكو فيما سعى آخرون إلى دعم حق أوكرانيا في تقرير مصيرها.

أما موقف الولايات المتحدة، فقد اتسم بالقوة من الناحية الخطابية ولكنها ليست مستعدة لفعل الكثير ما عدا التحذير من عقوبات مدمرة ستفرضها على روسيا في حال إقدامها على غزو أوكرانيا، وهي عقوبات يدعي الكرملين أنه لا يخشاها.

المفارقة هي أن بوتين لا يملك القوة التي يدعيها، حيث تعيش روسيا تدهورا اقتصاديا وديمغرافيا مقارنة ببقية العالم. كما دفعت تجاوزاته العديد من جيرانه للاقتراب من الغرب.

ورغم ذلك، فإن هناك عاملين أساسيين يجبران الدول الديمقراطية على التعامل مع الرئيس بوتين بجدية، هما قوة الجيش الروسي وتجاهل الكرملين المتهور للمعايير الدولية.

هل انتصر بوتين على الغرب؟

بإمكان بوتين أن يدعي أنه حقق انتصارًا في الأزمة الراهنة، فإلى جانب انقسام الغرب بشأن الأزمة، يبدو أن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) غير وارد في المستقبل المنظور. 

كما أن كييف أدركت الآن مدى ضعف استعداد حلفائها الغربيين لدعمها، وتضرر اقتصادها جراء الخوف من الحرب.

الأمر الأسوأ من كل ما سبق هو أنه لا توجد مؤشرات تذكر على استعداد أي من الدول الغربية لمعالجة نقاط الضعف التي مكّنت بوتين من تخويف الغرب، إذ ما يزال استثمار الدول الأعضاء  في الناتو ضئيلا في مجال الدفاع، وما تزال الشعوب الغربية تفتقر للجرأة اللازمة لمواجهة قوى الاستبداد.

حتى وإن تمكنت الأطراف من تجنب الدخول في صراع مسلح الآن، فإنه لا توجد ضمانات تمنع الكرملين من تكرار هذا السيناريو الذي وصفته بـ"الخدعة" مرة أخرى.

صحوة جيوسياسية

وعلى عكس ما ذهبت إليه التلغراف في افتتاحيتها، اعتبرت مجلة "لوبوان" الفرنسية أن:

الأزمة الأوكرانية دفعت الأوروبيين إلى صحوة جيوسياسية كما أنعشت حلف شمال الأطلسي وأعطته نفَسا جديدا على عكس ما كان يأمله سيد الكرملين. والأزمة الأوكرانية كشفت حسابات فلاديمير بوتين الخاطئة.

بوتين، من خلال حشد أكثر من 130 ألف جندي على حدود أوكرانيا، وحّد الدول الغربية، تماما كما كان يحدث في ذروة الحرب الباردة.

هذه الأزمة حفزت الناتو، وأعطته من جديد سببا للوجود بعد أن قد توارى عن الأنظار منذ اختفاء الاتحاد السوفياتي قبل 30 عامًا.

بوتين بفعلته هذه شجع الأميركيين على إعادة الاستثمار في أوروبا، بينما كانوا يحاولون منذ أكثر من 15 عامًا تخليص أنفسهم منها للتركيز على التحدي الصيني.

الرئيس الروسي أعاد بناء وحدة الأوروبيين في تشددهم وحزمهم تجاه روسيا، هذا فضلا عن دفعه أغلبية كبيرة من الأوكرانيين إلى الاتجاه أكثر نحو الغرب وعزز قناعتهم باستحالة التعايش مع موسكو ما دام هذا الرئيس في السلطة بموسكو.

ومع ذلك، فقد اتفق باروشي إلى حد ما مع ما جاء في افتتاحية تلغراف، إذ يرى أن الوحدة التي أظهرها الغربيون حيال هذه الأزمة هشة، وأن الولايات المتحدة لا تزال تركز على لعبتها مع الصين ولا ترى في روسيا سوى مشكلة ثانوية بالنسبة لها.

كما أن احتمال عودة دونالد ترامب أو أحد مناصريه إلى السلطة في واشنطن في يناير/كانون الثاني 2025 يثقل كاهل تماسك هذا التحالف الغربي.

الدرس المستفاد من هذه الأزمة هو أنه في مواجهة تحدّ عسكري كبير، لا تزال أوروبا غير قادرة تمامًا على ضمان حمايتها الجماعية إذا لم تلعب واشنطن دور القائد، وهذا يدل على ضخامة العمل الذي لا يزال يتعين القيام به لبناء دفاع أوروبي جدير بهذا الاسم.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

صحيفة "ديلي تلغراف" - مجلة لوبوان الفرنسية - الجزيرة

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022