لا أحد في رأس بوتين، لكن كثيرا من الناس، بدءًا بالرئيس الأميركي جو بايدن، يحاولون الوصول إلى هناك لفهم طموحه وتخمين استراتيجيته وتوقع تحركاته التالية.
هل يخادع رئيس الكرملين لملاحظة رد فعل الغربيين وترددهم وانقساماتهم، أو أنه على وشك تحديهم مباشرة بمهاجمة أوكرانيا؟
هل يريد أن يكسب بضعة أفدنة من الأراضي الناطقة بالروسية أو يريد أن يستعبد البلد بأكمله من خلال وضع نظام عميل له هناك؟
ما التحليل الذي أجراه بشأن تكاليف وفوائد عملية مسلحة تهدف إلى تدمير "التوازن" الإستراتيجي الأوروبي الذي نشأ إثر سقوط الاتحاد السوفياتي؟
طموح بوتين يمكن استنتاجه من المهمة التاريخية التي حددها "القيصر" لنفسه منذ تسلمه السلطة قبل ما يقرب من 23 عامًا؛ وهي: تصحيح الخطأ الناجم عن "الكارثة الجيوسياسية الكبرى في القرن العشرين"، أي استعادة دور روسيا كقوة عظمى ويكون لها (مثل الولايات المتحدة والصين) "مجال للمصالح المتميزة".
ذلك المجال الذي لا تتمتع الدول إلا بسيادة محدودة فقط، ويكون بذلك بوتين وضع حدا للهيمنة الغربية على العالم بفضل دعم بكين.
وفي ضوء ذلك، يجب أن نقرأ المطالب "غير العادية" في مسودة المعاهدات الأمنية التي قدمها الكرملين إلى واشنطن، والتي تهدف إلى عودة حلف شمال الأطلسي إلى مواقعه الإستراتيجية قبل 25 عاما.
هل ذهب الغربيون بعيدًا أم أنهم -على العكس من ذلك- كانوا متساهلين جدًا مع سيد الألغاز الروسي؟
مناقشة مثل هذه القضية تبدو عبثية، إذ إن حلم بوتين هو بناء حلف وارسو جديد، واللغز المحير في ذلك هو الوسائل التي هو على استعداد لتوظيفها لتحقيق ذلك الهدف.
بوتين -الذي عايش 5 رؤساء أميركيين، ويرى الآن الولايات المتحدة مقسمة في داخلها ومنسحبة من العالم- ربما يرى أن الوقت قد حان للتحرك.
"وحشية بوتين" تسحق بلاده أولا، كما أنها تدفع جيرانه إلى أحضان أوروبا، لتتسع بذلك الفجوة بين مصالح نظامه ومصالح روسيا، وهو السمة المميزة للدكتاتورية. "ومنذ متى كانت الدكتاتوريات تتخذ الخيارات الصائبة؟".
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022