منذ أن بدأ الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة في الستينيات، جاء الإمداد الأوروبي الداخلي إلى حد كبير من النرويج وهولندا وبريطانيا، إلا أن تلك الإمدادات القادمة من داخل دول الاتحاد لم تكن تكفي بسبب التوسع الصناعي والعمراني، مما حدا بدول الاتحاد للبحث عن شريك قادر على تلبية احتياجاتها من الغاز، فكان الاتحاد السوفيتي هو الخيار المناسب ليكون أحد أهم مزودي الاتحاد الأوروبي بالغاز منذ سبعينيات القرن الماضي.
تعيين بوتين رئيسًا لروسيا في أواخر التسعينيات غيَّر قواعد اللعبة، فأصبح الغاز الروسي سلاحًا سياسيًا مهمًا بيد الروس.
معظم دول الاتحاد الأوروبي اليوم معتمدة على صادرات الغاز الروسي، حيث تخضع إمدادات الغاز من الناحية الجيوسياسية لاستخدام الرئيس فلاديمير بوتين كأداة للقوة.
يعيش الاتحاد الأوروبي اليوم أزمة طاقة متمثلة في الغاز؛ حيث وصلت الأسعار، مقارنة مع العام الماضي، إلى مستويات قياسية انعكست بشكل سلبي على أسعار الوقود والكهرباء.
هذه الأزمة تهدّد النمو الاقتصادي الأوروبي، راهناً، خاصة بعد جائحة كورونا التي لم تبق ولم تذر. ففي جانب العرض بدأت بعض المصانع بإيقاف الإنتاج بسبب ارتفاع التكاليف، أما على الجانب الآخر الذي هو الطلب، فقد أحجم المستهلكون عن الإنفاق على السلع الأخرى تحسباً لاستمرار الارتفاعات في أسعار الكهرباء والوقود.
خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الروسي ربما يلعب دوراً كبيراً في هذه الأزمة التي تعيشها أوروبا، حيث سيقوم هذا الخط بإيصال الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أنبوب بطول 1230 كلم تحت بحر البلطيق بقدرة 55 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً مقارنة بإجمالي واردات للاتحاد الأوروبي من الغاز البالغة 400 مليار متر مكعب.
لكنّ هذا الأنبوب يجد معارضة كبيرة من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الاتحاد الأوروبي.
أسباب سياسية واقتصادية تكمن خلف هذه المعارضة، فعلى سبيل المثال، ترى الولايات المتحدة الأمريكية أن هذا الخط سيضعف أوكرانيا استراتيجياً من جهة وربما يقلل من حاجة أوروبا للغاز الصخري الأمريكي من جهة أخرى.
الدب الروسي يعلم جيداً مدى حاجة الاتحاد الأوروبي للغاز، الذي يمثل ثلث احتياجاته، وهذه الحصة مستمرة في الازدياد يوماً بعد يوم.
لهذا نجد روسيا، ما بين وقت وآخر، تقوم بتقليص شحنات الغاز إلى أوروبا عبر خط الأنابيب "نورد ستريم 1"، وهي خطوة تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في تلميح مباشر أن نقص الإمدادات لن يخف إلا عندما يتم تشغيل "نورد ستريم 2" بشكل كامل.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
صحيفة "عكاظ"
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022