عادت قضية القرم إلى الأخبار مؤخرا. ففي الشهر الماضي، تعرضت المدمرة التابعة للبحرية البريطانية (إتش إم إس ديفندر) إلى إطلاق نار من قبل القوات الروسية، التي تقوم بدوريات في البحر الأسود.
كانت الحاملة هناك (ربما ليس من قبيل الصدفة، مع فرقة من هيئة الإذاعة البريطانية) لغرض ظاهري يتمثل في دعم وحدة أراضي أوكرانيا.
بعد ذلك بوقت قصير، أجرى الناتو تدريبات بحرية كبيرة في البحر الأسود، وأعقبتها بفترة وجيزة مناورة عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا وبولندا وليتوانيا في غرب أوكرانيا.
بالنظر إلى كل هذه التطورات، لابد من إعادة النظر في التاريخ المعرض لخطر الضياع والنسيان، والذي قد يساعدنا على تقديم منظور مختلف لما كان يحدث في المنطقة منذ سقوط الشيوعية قبل نحو ثلاثين عاما.
ليس الغرض من ذلك الدفاع عن أفعال روسيا في عام 2014، وضم بوتين شبه جزيرة القرم.
التفاعل الدولي
بدأت "التفاعل الدولي" حول الوضع الجيوسياسي لشبه جزيرة القرم في عام 2008، خلال قمة حلف شمال الأطلسي، حيث أعلن أكبر تحالف عسكري فى العالم أن جمهوريتي جورجيا وأوكرانيا ستصبحان عضوين في الناتو.
كان رد روسيا، بعد أشهر فقط، هو غزو جورجيا، ردا على استفزاز غير مدروس من قبل الرئيس الجورجي آنذاك، ميخائيل ساكاشفيلي.
بعد بضع سنوات، وتحديدا في مارس 2014، أصدر 3 رؤساء أوكرانيين سابقين (كرافتشوك وكوتشما ويوتشينكو) دعوة إلى تمزيق اتفاقية خاركيف، وهي اتفاقية منحت روسيا الحق بتمديد بقاء أسطولها في البحر الأسود على سواحل شبه جزيرة القرم حتى عام 2042، مقابل أسعار مخفضة للغاز الطبيعي الروسي.
رأي "سولجنيتسين"
على الرغم من كل الجدل الدائر حول شبه جزيرة القرم، فإن الصوت الذي نادرا ما يستشهد به الإعلام الغربي هو صوت الراحل أليكساندر سولجنيتسين، الأديب والمعارض الروسي، الحائز على جائزة نوبل.
كتب سولجنيتسين عن حالة شبه جزيرة القرم وعلاقات روسيا مع أوكرانيا بعد الاتحاد السوفييتي في كتاب صغير ولكنه قوي، نُشر في عام 1994 بعنوان «المسألة الروسية».
في الكتاب، يصف سولجنيتسين بازدراء خفي كيف أخطأ الرئيس الروسي السابق، بوريس يلتسين، عندما أنهى معاهدة الاتحاد في اجتماع سري عقده مع رئيسي جمهوريات أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية وبيلاروسيا خارج مينسك في ديسمبر 1991.
كتب سولجنيتسين أن الرئيس الأوكراني كرافتشوك وعد زملاءه باتحاد حقيقي لا ينفصم، وحدود «غير مرئية»، وجيش واحد وعملة واحدة. لكن سرعان ما تحول كل هذا إلى كذبة. لم يتم تشكيل أي شيء من هذا القبيل، وبعد مرور بعض الوقت، أعلن كرافتشوك صراحة: يجب أن ننهي أسطورة الحدود غير المرئية».
وكما يوضح سولجنيتسين، كانت الولايات المتحدة تحاول، ليس فقط ضم القرم، بل أيضا سحب مدينة سيفاستوبول البحرية الروسية إلى دائرة نفوذ الغرب، على مدار الـ30 عاما الماضية.
ويشير سولجينتسين إلى أن السفير الأمريكي السابق في أوكرانيا، وهو من أصل أوكراني، واسمه رومان بوباديوك، كان لديه الشجاعة لإعلان أن سيفاستوبول تنتمي إلى أوكرانيا.
إلا أن بوباديوك -بحسب سولجينتسين- فشل في توضيح الأسس القانونية التي استند إليها، لكن وزارة الخارجية الأمريكية أيدت رأيه على الفور.
كل هذا ببساطة للإشارة إلى أن القضايا المحيطة بوضع شبه جزيرة القرم أكثر تعقيدا بكثير مما تقدمه الصحافة الغربية عموما، والأمريكية على وجه الخصوص.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
Eurasia Review
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022