هل يهدد التصعيد بحرب واسعة؟.. 8 أسئلة تشرح الأزمة بين روسيا وأوكرانيا

نسخة للطباعة2021.04.15

صفوان جولاق - كييف

كثيرة هي الأسئلة والتساؤلات التي تطرح نفسها ويجهلها الكثيرون حول خلفيات الأزمة المستمرة بين روسيا وأوكرانيا منذ 7 سنين، والأسباب التي تدفع نحو استمرار هذه الأزمة، وزيادتها تعقيدا.

وفيما يلي إجابات على بعض هذه الأسئلة، وذكر لأسباب الأزمة والتصعيد الجاري:

ما أهمية أوكرانيا بالنسبة لروسيا؟

لأوكرانيا أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا بطبيعة الحال، فتاريخيا، هي مهد حضارة مملكة "كييف روس"، والعرق السلافي المنتشر بين أوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا.

سياسيا واقتصاديا، أوكرانيا جارة رئيسية بالنسبة لروسيا، تتمتع بثروات وإمكانيات عسكرية وصناعية وزراعية واسعة وضخمة، وموقع جغرافي يفصل بينها وبين "معسكر القوى الغربية". 

وأما ثقافيا واجتماعيا، فيرتبط البلدان بعلاقات كبيرة، خاصة في المناطق الحدودية.

كل هذه الأمور، جعلت من أوكرانيا "حديقة خلفية" بالنسبة لموسكو، التي ترفض التخلي عنها، وأن تتحول إلى "وصاية الغرب" بعد عقود التبعية والموالاة، إن صح التعبير.

متى بدأت الأزمة؟

منذ استقلال أوكرانيا عام 1991، شهدت العلاقات الأوكرانية الروسية كثيرا من أحداث وفترات التوتر، لكنها لم تبلغ حد العداوة، التي لم يطرح ذكرها أصلا إلا في نهاية 2004، عندما اشتعلت في أوكرانيا ثورة برتقالية ميالة نحو الغرب.

عندها، دخل الغرب بقوة على خط العلاقات، داعما انحياز الثورة نحوه؛ لكن الحكم عاد بقوة إلى الموالين لروسيا في 2010.

باندلاع احتجاجات "الميدان الأوروبي" في نهاية 2013، أخذ المشهد الأوكراني بعدا آخر، تعاظم فيه التوجه الغربية والدور القومي، على حساب انحسار أدوار وتأثير "الموالين لروسيا".

ما أسباب الحرب؟

بحجة حماية الرعايا الروس، ضمت روسيا أراضي شبه جزيرة القرم إليها في مارس 2014، ودعمت حراكا انفصاليا عسكريا في إقليم دونباس شرق البلاد، وإن كانت تنفي ذلك الدعم جملة وتفصيلا.

يرى كثيرون أن سبب "الضم والحرب" يعود إلى حقيقة أن روسيا لم تعد (بعد 2014) على إبقاء أوكرانيا إلى صفها سياسيا، وأن جنوحها المتعاظم نحو الغرب بات يشكل خطرا عليها، خاصة وأن كييف تخلت عن صفة عدم الانحياز، وتسعى علنا إلى عضوية الناتو.

ويرى الكاتب بيتر ديكنسون، خبير الشؤون الأوكرانية في مركز "الأطلسي" للدراسات، أن "حقيقة تراجع الرغبة الشعبية بالعودة إلى علاقات الماضي مع روسيا، وغياب الحنين إلى فترات الوحدة معها (في ظل الاتحاد السوفييتي) أمر باعد الدولتين، وقد يشكل عدوى بين الدول الأعضاء في الاتحاد الروسي أيضا، لذلك يجب أن "يحارب" وفق العقلية السياسية الروسية"، على حد قوله.

ماذا تريد روسيا من أوكرانيا؟

استنادا إلى ما سبق، ترفض روسيا عضوية أوكرانيا في أي تكتل غربي، وخاصة حلف الناتو، وتعتبر ذلك تهديدا مباشرا لأمنها.

ولهذا -بحسب خبراء كثر- تسعى إلى عرقلة مساعي أوكرانيا في ذلك الاتجاه، والإبقاء عليها كمنطقة رمادية فاصلة مع القوى الغربية كأقصى ما يمكن، بعد أن بات خيار "عودة الولاء" مستبعدا.

يرعى الخبراء أيضا أن ذلك جعل أوكرانيا ساحة حرب غير معلنة بين روسيا والغرب، لا تزال في مرحلة البرودة والجمود حتى يومنا هذا.

بماذا تضغط موسكو على كييف والغرب؟

لا تملك كييف الكثير من أدوات الضغط على موسكو، والعكس غير صحيح، لأن الأخيرة تمسك بعدة أدوات وملفات وقضايا، نذكر من أبرزها:

ضم القرم وعكسرته، الذي تعتبره أوكرانيا احتلالا لأراضيها.

دعم الانفصاليين في شرق البلاد، الذين لا يخفون أحلاما توسعية تكاد تبلغ نصف مساحة أوكرانيا.

ورقة الغاز، بمشروع "نورد ستريم 2" مثلا، الذي يهدد شبكات النقل الأوكرانية.

بطبيعة الحال، يتخوف معكسر الغرب من تنامي النفوذ العسكرية والاقتصادي في المنطقة، وهنا تبرز أكثر مخاوف دول البلطيق وبولندا، التي كانت يوما جزءا من الاتحاد السوفييتي أيضا، وتخشى من "أطماع استعادة الأمجاد السابقة لدى بوتين".

كيف يواجه الغرب روسيا؟

على خلفية الأزمة الأوكرانية منذ سنة 2014، فرضت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وغيرها كثيرا من العقوبات السياسية والاقتصادية على روسيا، التي أبعدت بداية عن مجموعة "الثمان الكبار"، ثم عن المشاركة في أروقة "البرلمان الأوروبي".

ودعمت تلك الدول أوكرانيا بمساعدات مالية كبيرة، موجهة بشكل رئيس نحو الإصلاحات الرامية إلى تطبيق معايير العضوية في الاتحاد الأوروبي والناتو، وكذلك إلى مجال مساعدة النازحين عن مناطق الحرب والتوتر.

ولعل أكبر هذه المساعدات وأكثرها "قوة" إن صح التعبير كانت من الولايات المتحدة، وجاءت على شكل مساعدات عسكرية ونظم أسلحة وصواريخ (جافلين) وتدريبات مشتركة، بحجم بلغ نحو 2 مليار دولار، وفق السفارة الأمريكية لدى أوكرانيا.

ما عوامل التصعيد في 2021؟

تحشد روسيا قواتها على حدود أوكرانيا بشكل واسع وغير مسبوق، وهذا يعود إلى عدة عوامل ومستجدات، من أهمها:

تغير الإدارة الأمريكية، وتشدد إدارة بايدن مع موسكو فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، واحتمالات التدخل الروسية في الانتخابات.

تنامي العلاقات العسكرية بين أوكرانيا وتركيا، باتت بموجبه تركيا مصدرا رئيسيا للطائرات المسيرة بالنسبة للجيش الأوكراني.

حملة أطلقتها السلطات الأوكرانية قبل أسابيع، ضد نفوذ ورموز المعارضة الموالية لروسيا.

يصف كثيرون التصعيد الأخير بأن استعراض للعضلات بين موسكو وواشنطن، وهذا قد يفسر حجم التصريحات وتبادل الاتهامات بين الجانبين، التي قد تفوق كما وحدة التصريحات الأوكرانية.

وينظر المراقبون باهتمام إلى تطور موقف أنقرة من الأزمة، وهي المعنية أيضا بالحد من تنامي النفوذ الروسي شمالا وجنوبا، في البحر الأسود، وسوريا.

اقرؤوا أيضا: روسيا تحشد قواتها على حدود أوكرانيا.. ما الجديد؟ وما عوامل التصعيد؟

ما حدود التصعيد؟

وفق البيت الأبيض، يصعب التنبؤ بحقيقة الأهداف الروسية من هذا الحشد الكبير، ولكن الأكيد أن تعامل واشنطن والناتو معه يأتي على محمل الجد.

يرى إيليا كوسا خبير العلاقات الدولية في "المعهد الأوكراني للمستقبل" أن "روسيا لا تريد حربا واسعة، لكنها تستعد لها، واليوم، في الوقت الذي تنشر فيها داخليا مخاوف من "تهديد الغرب"، تقوم عمليا هي بتهديده (الغرب والناتو)".

ويضيف: "نتوقع زيادة الدعم الأمريكي لأوكرانيا، دون المخاطرة بضمها إلى الناتو، الأمر الذي سيفتح أبواب جهنم؛ وبالمقابل، ستزحف روسيا شيئا فشيئا بقواتها، استعداد لحرب يبدو أنها حتمية في المستقبل القريب أو البعيد".

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

الجزيرة

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022