تعرف على أول دار للإفتاء في روسيا القيصرية

د. أمين القاسم - باحث في تاريخ المنطقة

بعد سيطرة روسية القيصرية على كلا من أراضي خانية قازان عام 1552م، التي كانت تشمل مساحات واسعة من جمهوريات روسيا المعاصرة: تتارستان، ماري إل، تشوفاشيا، موردوفيا، أدمورتيا، وبَشكورستان؛ ثم سيطرتها على خانية سيبيريا عام 1598م، وخانية القرم عام 1783م، ظهرت حاجة كبيرة لإنشاء مؤسسة إسلامية للإشراف على الشعائر الدينية، وتنظيم شؤون الأئمة والمساجد.

كان "المجلس الديني لمسلمي أورنبورغ"، الذي تأسس بقرار رسمي صادر من الإمبراطورة كاتيرينا الثانية (حكمت 1762- 1796م) في 22 سبتمبر لعام 1788م، ليفتتح في 4 ديسمبر عام 1789م في مدينة أوفا بجمهورية بشكيريا (بشكورتستان) اليوم، كأول إدارة دينية رسمية للمسلمين في روسيا القيصرية، يرأسها: المفتي –و الذي سمي في فترات لاحقة شيخ الإسلام أيضا-، ويُعيّن بعد انتخابه من المجتمعات المسلمة ثم موافقة الإمبراطورة، وبقيت الممثل الوحيد لكل المسلمين في الإمبراطورية الروسية حتى عام 1794م حيث تأسست الإدارة الدينية لمسلمي تافريدا (القرم).

وظيفة المجلس الديني لمسلمي أورنبورغ تلخصت في الإشراف على أداء الشعائر الإسلامية، وإدارة وبناء وترميم المساجد، واختيار والإشراف على عمل المؤذنين والأئمة والخطباء والقضاة الشرعيين، وإبرام عقود الزواج وحل الخلافات الأسرية وقضايا المُلكية، إدارة الأوقاف الإسلامية، ومهام أخرى. وشملت صلاحيّاتها جميع أنحاء روسيا عدا القرم.

مع الإشارة إلى أن الدولة الروسية حظرت تطبيق الأحكام الشرعية التي تتعارض مع قوانين الإمبراطورية الروسية، كما أن إدارة المحافظات ووزارة الداخلية أشرفت على أنشطة وفتاوى المجلس الديني.

عدد الشخصيات الدينية (من أئمة ومؤذنين ومُعلمين) التي أشرف عليها هذا المجلس وصل عام 1912م إلى 12341 رجل دين، وترأس هذا المجلس 6 مفتين من عام 1788م إلى حين إغلاقه عام 1917م.

الإدارة الدينية في العهد الشيوعي

عام 1917م تمّ حل المجلس الديني، وتشكلت ما سُمي "النظارات الدينية"، وهي بمثابة وزارة الشؤون الدينية.

وفي سبتمبر من عام 1920م تأسست "الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الداخلية وسيبيريا"، وقُسّمت إلى ثلاث مستويات: "نظارات دينية"، و"محتسبات"، و"متوليات".

وبين عامي 1936 و1940 قام الشيوعيون بتصفية أكثر من 150 شخص من أئمة الإدارة الدينيّة من مناطق مختلفة، بتهم التجسس ومعاداة الدولة السوفيتيّة.

أعيد تسميتها إلى "الإدارة الدينية لمسلمي القسم الأوروبي للإتحاد السوفيتي وسيبيريا" عام 1948م، وتم تقليص صلاحياتها وأنشطتها بشكل كبير.

ثم أعيد تسميتها عام 1992م إلى "الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا ودول رابطة الدول المستقلة الأوروبية".

وقد ترأس الإدارة الدينية منذ العهد الشيوعي إلى الآن 6 شخصيات، والآن تسمى "النظارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا"،  وتُعرف اختصارا بالأحرف "تس د أو م"، وتعرّضت لعدة انقسامات، ولكنها ما تزال تُشرف على آلاف الهيئات من مساجد ومصليات وجمعيات الإسلامية.

واليوم، مفتي الإدارة (منذ العام 1980م) هو الشيخ طلعت تاج الدين.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)