تحرير سوق الأراضي في أوكرانيا.. الإمكانيات المتاحة تفوق المخاطر المتوقعة

نسخة للطباعة2020.04.22

مكسيم يفيموف – خبير اقتصادي

إطلاق سوق الأراضي مع الدعم المعقول سيوفر للقطاع الزراعي الوطني، و للدولة بالتالي، إمكانية الوصول إلى الاستثمارات والتكنولوجيات الجديدة والبنية التحتية.

ما المخاطر التي قد تهدد ملاك الأراضي؟

يعتبر إقرار قانون الأراضي حدثا بارزا بالنسبة لأوكرانيا. هو واحد من أقوى القرارات المبدئية والحاسمة منذ الاستقلال، الذي  سيؤثر دون أدنى شك على التطور السياسي والاقتصادي للدولة.

أقول على الفور أنني صوتت لصالح القانون، وأنا  مقتنع من أنه سيفتح للبلاد بابا نحو إمكانيات جديدة، التي ستكون أكبر بكثير من المخاطر المرافقة، التي يمكن أن يأتي بها.

يجب على الفور في مسألة سوق الأراضي إلغاء التلاعبات والتزييف الذي يملأ الفضاء المعلوماتي "للمقاتلين الايديولوجيين". النسخة النهائية من القانون تلغي احتمال شراء الأراضي الأوكرانية من قبل الناشطين في مجال التمويل الدولي، ويحد بشكل كبير من إمكانيات الممثلين الداخليين لهذه "العائلة". 

لا يجب أيضا المبالغة في إمكانية "ضم" الأراضي بعد افتتاح سوق الأراضي أو سداد ديون الدولة على حساب التربة الأوكرانية السوداء. تتيح عدد من النقاط الرئيسية لقانون الأراضي أن أقول ذلك، ومن بينها ما يلي:

حتى عام 2024، سيكون بإمكان الكيانات الشخصية من المواطنين فقط شراء الأراضي. نظرا لهذا، لدينا الوقت الكافي للتحضير للمرحلة التالية من الإصلاحات، التي سوف تنظر في مشاركة الكيانات القانونية.

لن تباع الأراضي الزراعية التي تملكها الدولة والبلديات. و بالتالي، سيظل 11 مليون هكتار ملكا للشعب الأوكراني.

يمنع في العامين الأولين شراء أكثر من 100 هكتار من الأراضي للشخص الواحد. ستسمح هذه الفترة الزمنية للاقتصاد الأوكراني أن يتعافى بالتأكيد بعد الوباء ومواصلة مراحل الإصلاحات الأخرى.

سيسدد ثمن الأراضي المشتراة لا نقديا، ولن يمكن أن يكون سعرها أقل من التقييم النقدي المقرر. هذه القاعدة تحد من خطط الفساد ومخاطر البيع بأسعار زهيدة.

يمكن للبنوك امتلاك الأراضي فقط في إطار تحصيل القروض مقابل الرهن. كما وأنهم لن يصبحوا لاعبين ملحوظين في هذه السوق. في حين أنه لن يتاح للأجانب دخولها إلا بعد الحصول على موافقة الشعب الأوكراني من خلال إجراء استفتاء وطني. يشير الحدس إلى أن هذا غير مرتقب في السنوات القليلة القادمة.

يطلق في الواقع في أوكرانيا "عرض أولي" لسوق الأراضي، المحمية من المخاطر الرئيسية. لكن أدواتها ستكون كافية لخلق إمكانيات جديدة مهمة للدولة والمواطنين، ستقرّبنا من الاقتصاد الأوروبي المتحضر، مع إمكانية استخدام ميزتنا التنافسية الوطنية الفريدة. 

سيساهم سوق الأراضي أيضا في إعادة انبعاث المدارس  ورياض الأطفال والبنى التحتية الاجتماعية الأخرى في المجتمعات الريفية.

من بين مؤشرات الإصلاحات الهامة دعم المنتجين الصغار والمتوسطين. القانون يعطي الأولية  للمواطنين الذين يمتلكون الأراضي أو يزرعونها لفترة طويلة.  هؤلاء هم أصحاب قطع الأراضي الزراعية، الذين أجروا أراضيهم على مدى عقود، دون أن يكون لديهم بديل آخر، سيحصلون  الآن على الخيارات المختلفة لاستخدام أصولهم الاستراتيجية.

لن يخسر أيضا المستأجرون ذوي الخبرة، الذين سيستطيعون شراء الأراضي بالتقسيط الذي ستصل مدته إلى 10 أعوام بسعر التقييم النقدي المقرر دون الخوض في مزادات الأراضي.

إطلاق سوق الأراضي مع الدعم المعقول سيوفر للقطاع الزراعي الوطني، وللدولة بالتالي، إمكانية الوصول إلى الاستثمارات والتكنولوجيات الجديدة والبنى التحتية. الملكية الخاصة هي المحرك الوحيد الفعلي للمستثمر المحلي والاستراتيجي على حد سواء. 

ستصبح إمكانية شراء الأراضي خطوة نحو تحقيق استثمارات واسعة النطاق في حقل الري واللوجستية والنقل وكذلك مشاريع التصنيع أو التخزين غير الكبيرة. أي إلى كل ما يعزز قدرتنا التنافسية المنخفضة في السوق اليوم.

 ليس سرا أن القطاع الزراعي الأوكراني يعاني من نقص حاد في التمويل مقارنة مع المنافسين الإقليميين، مثل بولندا و سلوفاكيا و المجر. كما و أننا سعداء بشكل أساسي لشغلنا المنافذ الشاغرة في أسواق المواد الخام في الاتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط وبلدان الاتحاد السوفييتي السابق ودول أفريقيا. كما وأننا نخسر المنافسة في القطاعات الهامشية. 

الاستثمارات الاستراتيجية قادرة على إجراء تغيير نوعي للوضع في البلاد، حيث أن إطلاق سوق الأراضي يمثل دافعا هاما جدا لتنمية المزارع الخاصة، التي يجب أن تصبح أساس العمالة والتنمية في المجتمعات الريفية.

أرى أن إطلاق سوق الأراضي سيسرع تحول المجتمع الأوكراني. المواطنون يحتاجون إلى نقاط ارتكاز جديدة و"مقابس" بديلة لمصادر الطاقة الحيوية، التي يمكن أن تتجلى في فكرة تطوير الأعمال على الأرض الزراعية الخاصة.

أنا أؤمن بأن هذا العامل سيسرع تشكيل الطبقة الوسطى في أوكرانيا مع رهانها على الحقوق والحريات والاستقلال الاقتصادي.

توجب علي خلال حياتي أن أتخذ قرارات جذرية عندما بدا أنه من الأفضل ترك كل شيء على حاله. و لكن المراهنة على التغيير ضمنت النجاح على المدى الطويل. أعلم علم اليقين، أن قرار عدم القيام بأي شيء ليس الأمثل، وعلى الأخص في مسألة إطلاق سوق الأراضي. 

كان لا بد من إلغاء حظر بيع الأراضي لإزالة هذا الحاجز الذي يقف بين الدولة والاستثمارات والتقدم، ولمنح أوكرانيا بهذه الطريقة فرصة جديدة للنمو، التي من المهم جدا استخدامها بشكل صحيح مع مرور الوقت.

قناة "أوكرانيا برس" على "تيليغرام": https://t.me/Ukr_Press

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022