محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
لم يعد ميدان الاستقلال في وسط العاصمة كييف مجرد مكان يعتصم فيه المحتجون ضد السلطات وقرارها وقف مساعي الشراكة مع أوروبا، فبعد نحو ثلاثة أشهر من الاحتجاج بات الميدان أشبه بمدينة مصغرة، تعكس –ربما- تأقلم المحتجين وإصرارهم على مطالبهم.
حدود هذه المدينة هي نحو 10 حواجز ضخمة من أكياس الثلج والخشب والحديد، تعزلها عن باقي أنحاء كييف التي تعيش حياة طبيعية إلى حد ما، ويحرسها متطوعون بملابس تجمع غالبا بين الطابع العسكري والرياضي، بحسب ما يتوفر لدى كل منهم.
وعلى كل حاجز يوجد صندوق للتبرعات، التي توجه لطباعة الأعلام والمنشورات، ولشراء وتوزيع الطعام والأدوية على المحتجين، كما يقول الحارس أندريه.
مبان وخيام
ضمن حدود هذه المدينة المصغرة مقرات حكومية احتلها المحتجون قبل عدة أسابيع، ومن أبرزها مبنى اتحاد العمال، الذي يعتبر الآن المركز الإعلامي الرئيس للحركات والأحزاب والقوى المعارضة الداعمة للاحتجاج، وكذلك مبنى البيت الثقافي الأوكراني، الذي حول إلى مقر لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية.
أما مبنى بلدية العاصمة كييف الذي أخلاه المحتجون يوم الأمس، فكان أشبه بفندق مجاني الذي يمنح المحتجين فرصة للنوم.
وتنتشر في الميدان خيام كثيرة العدد والوظائف، منها خيام للأحزاب، وبعضها للتدفئة ثم متابعة الاعتصام، وأخرى لتوزيع الملابس الدافئة، بالإضافة إلى خيام لعلاج المحتجين.
كنيسة الميدان خيمة أيضا، فيها الشاب سفياتيسلاف، الذي قال إنه أتى "لدعم الميدان روحانيا ومباركته، وللمساعدة في جميع المجالات الممكنة داخله"، معتبرا أن ذلك واجب ديني ووطني يؤديه.
أما ماكسيم فيقف أمام خيمة تحمل اسم "مطبخ اليورو ميدان"، حيث يقوم وزملائه بطبخ الطعام وتحضير مختلف أنواع الحساء، وإعداد وتوزيع الشطائر والشاي على المحتجين وعامة المارة، "لمنحهم القوة، وحتى لا يسقطون من التعب وشدة البرد"، كما قال.
وتتوسط الميدان والخيام منصة الاحتجاج الرئيسية، وهي مسرح للغناء والعزف وقراءة الصلوات وعرض الأفلام الوثائقية عن "فساد نظام الرئيس يانوكوفيتش"، إلى جانب كونها أيضا منبرا سياسيا لبث الحماس والتعبير عن المواقف السياسية.
ترفيه وإبداع
كلما توفر في الميدان فسحة، يجتمع بعض المحتجين لتقاذف أو استعراض مهارات الكرة بهدف التسلية وكسب الدفء، بالإضافة إلى رقعة شطرنج كبيرة يقف اللاعبون والمتفرجون أمامها وحولها، و"الملك الخاسر فيها هو الرئيس يانوكوفيتش" كما يقولون أحد اللاعبين.
وفي مختلف أنحاء الميدان تتوزع معارض لصور الاحتجاج وأبرز محطاته، وأخرى للرسوم التشكيلية أو الكاريكاتورية الساخرة، التي تحمل على السلطات، وأحيانا على رموز المعارضة إذا ما أحس الفنانون بتقصيرهم أيضا.
وفي الميدان مجسمات تجمع بين السياسة والطرافة، ولعل أبرزها مجسم ضخم يظهر يانوكوفيتش مكبلا بقيوده داخل قفص الاتهام، في محكمة يرى بعض المارة المتفرجين أنها مصير حتمي ينتظر الرئيس وغيره من كبار المسؤولين الضالعين بقضايا فساد وعنف.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022