حرب روسيا في أوكرانيا وسوريا.. تورط أم توريط؟

نسخة للطباعة2016.02.15

يرى محللون أن روسيا أخذت تستيقظ من غفلتها وبدأت تفكر في مآلات ما أقدمت عليه في كل من أوكرانيا وسوريا، فباتت تعيد تقييم خياراتها بعد أن شعرت بأنها تورطت -أو تم توريطها- في حروب ما كان لها أن تنجر إليها.

فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لصحيفة مسكوفسكي كمسوموليتس قبل أيام "أن لدى صقور واشنطن خططا لجر روسيا إلى خوض حروب على جبهتين، وهم لا يقومون بأية مساع لتخفيف حدة التوتر في أوكرانيا، بل على العكس يعملون على إثارة مراحل جديدة من التصعيد في منطقة دونياس جنوب شرقي أوكرانيا كي لا يشعر الروس بتواجدهم في سوريا وكأنهم في العسل".

وأكد لافروف أن إصرار الولايات المتحدة على الإبقاء على العقوبات المفروضة على روسيا يثبت أن الأمر لا علاقة له بالأزمة الأوكرانية أو السورية، بل سببه تعزيز موسكو لوضعها وظهورها في الشأن الدولي، وهذا وضع لا يروق الكثيرين في واشنطن.

وقال إن واشنطن لم تخف أبدا أنها أجبرت الأوروبيين على الانضمام إلى العقوبات التي فرضت على روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية، مضيفا أن أوروبا باتت تدرك أن العقوبات كانت فخا لأن الغرب تعهد بعدم رفع العقوبات عن روسيا قبل تطبيق اتفاقات مينسك التي ترفضها أوكرانيا ولا يستطيع إجبارها على قبولها إلا الأميركيون.
واعتبر لافروف أن الغرب يستخدم فزاعة الخطر الروسي في العالم لتبرير توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وللتحلل من التزاماته السابقة بعدم نشر بنية تحتية عسكرية في أراضي الأعضاء الجدد بالحلف.

تشتيت واستنزاف:
تعليقا على ذلك يعتقد الخبير في شؤون الشرق الأوسط فاتشسلاف ماتوزوف أن هناك إستراتيجية أميركية تقوم على توريط روسيا في حروب متفرقة وعلى جبهات متباعدة، وهذا من شأنه تشتيت قوة الجيش واستنزاف الاقتصاد الروسي سواء بالحروب أو بالعقوبات الاقتصادية. 
وأوضح ماتوزوف أنه مهما تكن قوة الجيوش فمن الخطأ أن تخوض حروبا على عدة محاور، وهذا من أساسيات العلوم الحربية، هذا بالإضافة إلى وجود نقطة ضعف أخرى تواجهها الجيوش النظامية الحالية، وهي أنها تقف عاجزة عن تحقيق انتصارات حاسمة في مواجهة الجماعات شبه النظامية والتنظيمات المسلحة التى تخوض حرب عصابات.
وضرب مثلا على ذلك بأن الولايات المتحدة استطاعت خلال أيام معدودة أن تهزم جيش صدام حسين في العراق، لكنها ظلت لسنوات تراوح مكانها وهي تتلقى الضربات الواحدة تلو الأخرى من المقاومة العراقية التي كبدت الأميركيين خسائر فادحة، كما أن الاتحاد السوفياتي الذي كان يمتلك أعتى جيوش العالم مني بالهزيمة أمام المجاهدين في أفغانستان.
وأضاف ماتوزوف أن هذا كله يحدث في ظل أزمة أقتصادية شديدة وعقوبات غربية يواجهها الاقتصاد الروسي، مما سيؤدي إلى استنزافها أكثر، خصوصا أن الإستراتيجية الأميركية تقوم على إطالة أمد النزاعات سواء في أوكرانيا أو سوريا.

انزلاق قسري:
ويتفق مع هذا الرأي المحلل السياسي بوريس دولوغوف الذي يرى أن من السذاجة الاعتقاد بأن روسيا غير مدركة للمخططات الأميركية والغربية، لكنها في الوقت نفسه لا تجد مخرجا آخر سوى الانخراط في اللعبة، لأن الابتعاد يعني الإضرار بالكثير من المصالح الروسية، مع تنامي التهديدات التي قد تشكل خطورة على الأمن الروسي في المستقبل.
وأوضح دولوغوف أن الإستراتيجية الأميركية في أوكرانيا تسير في اتجاهين رئيسيين: الأول زيادة التوتر للإبقاء على حالة التأهب والاستنفار في منطقة دونباس، والثاني إحباط كل محاولات حل النزاع، وإفشال كل الجهود المبذولة ضمن تشكيلة مينسك التي تضم كلا من روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا دون أن تدخل الولايات المتحدة في تركيبتها رغم أنها فعليا من يملك مفاتيح الحل.
كما أوضح أن الانكفاء الأميركي عن المنطقة سهل دخول روسيا على خط الأزمة في سوريا بكل ثقلها، كما أن إفساح المجال للفوضى ولاتساع نفوذ الجماعات الجهادية، والتهاون في القضاء عليها بما تحمله من تهديدات أمنية، لا سيما أن النظام السوري لم يعد يملك زمام المبادرة.. كل ذلك لم يترك أمام روسيا مجالا سوى التدخل لحماية أمنها ومصالحها في المنطقة.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

الجزيرة

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022