محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
سقوط أكثر من مئة قتيل في ميدان الاستقلال بالعاصمة كييف أفجع الأوكرانيين خلال شهر شباط/فبراير الماضي، واعتبر حدثا مأساويا غير مسبوق في تاريخ أوكرانيا.
ولعل الأوكرانيين لم يتوقعوا آنذاك أن تتطور الأحداث وترتفع أعداد الضحايا إلى أكثر من 2200 شخص منذ منتصف شهر نيسان/أبريل وحتى الآن في مناطق المواجهات بين القوات الأوكرانية والمسلحين الانفصاليين في شرق البلاد، وفق تقرير للأمم المتحدة.
الكثير من الأوكرانيين يعتبرون أن ما يحدث مأساة لم يشهدوها منذ الحرب العالمية الثانية، ويتخوفون من استمرارها وامتداد رقعتها لتشمل مناطق أخرى، لاسيما في ظل نوايا روسيا العدوانية، بعد احتلالها للقرم ودعمها للانفصاليين، كما يقولون.
من المسؤول؟
يتفاخر طرفا النزاع بكبر حجم الخسائر التي يلحقونها ببعضهم البعض، لكنهم يتبادلون الاتهامات حول سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين بمواقع المواجهات.
وقد أشار تقرير لمفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة إلى أن هذه المواجهات تؤدي إلى مقتل نحو 36 مدني يوميا، متهمة القوات الأوكرانية بتطويق مدن، وعدم توفير ممرات آمنة لنزوح المدنيين الباقين، بعد أن نزح أكثر 50% من سكانها، وفق التقرير.
واتهمت المفوضية المسلحين الانفصاليين بممارسة الخطف والاعتقال والإساءة والتعذيب بحق المئات، مشيرة إلى أنه تم اعتقال 468 شخصا منذ منتصف شهر آب/أغسطس.
فلاديسلاف سيليزنيوف المتحدث باسم "عملية مكافحة الإرهاب" التي أطلقتها أوكرانيا ضد الانفصاليين، أكد أن القوات الأوكرانية اتخذت "قرارات صعبة" لتجنب المدنيين، كالحد من استخدام سلاح الجو، وتنفيذ ضربات محدودة في المناطق التي لا يزال فيها مدنيون.
واتهم الانفصاليين بتعمد التمركز في أماكن سكن المدنيين لحماية أنفسهم، وباستهدافهم عند بعض حواجز التفتيش أثناء النزوح، مؤكدا أنهم معنيون بسقوط المدنيين لتغيير الرأي العام، ولمنح روسيا ذرائع تدخل بحجة حمايتهم، لأنهم في النهاية موالون أو تابعون لها، وينفذون أجندتها، على حد قوله.
وبالمقابل قال أوليغ تساريوف رئيس برلمان "جمهورية دونيتسك الشعبية" التي أعلن قيامها الانفصاليون، إن أوكرانيا تتعمد استهداف البنية التحتية والمدنيين لمعاقبتهم على خيار الاستقلال عنها، ولأنها عاجزة عن هزيمة "الكتائب" دون جرائم بحق الإنسانية، على حد قوله أيضا.
العرق والثقافة
ولمخاوف الأوكرانيين جوانب أخرى ترتبط بالعرق والثقافة، أشار إليها تقرير الأمم المتحدة، منددا بالتمييز والمضايقات التي يتعرض لها الأوكرانيون والتتار وغيرهم من الأقليات في إقليم القرم، الذي ضمته روسيا إلى أراضيها منتصف شهر آذار/مارس بعد استفتاء مثير للجدل.
تمييز يتعلق بإقصاء التتار عن إدارة أمور القرم والمدن التي يشكلون فيها غالبية، ومضايقات تتعلق بالحد من حرية ممارساتهم العرقية والدينية، وفرض أجواء الرقابة الأمنية عليهم لإخافتهم، كما قال أصلان عمر قرمي رئيس الجالية القرمية التترية في كييف.
وأشار عمر قرمي إلى اقتحام قوات السلطات القرمية مبان تعليمية وبوتا تترية بحجة أن فيها أسلحة، إضافة إلى فرضها حظرا على قائمة طويلة من الكتب والمواد الإسلامية بحجة مكافحة التطرف.
عمر قرمي اعتبر أن روسيا تحتل القرم اليوم، وتمارس الاضطهاد بحق جميع مناوئيها فيه، ناهيك عن أنها "دولة استبدادية في الأصل، ولا مكان للحريات فيها"، على حد وصفه.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022