محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
انقسام حاد يشهده المجتمع القرمي إزاء دخول القوات الروسية أراضي إقليم شبه الجزيرة في جنوب أوكرانيا، وكذلك إزاء استفتاء تقرير المصير المعلن عنه في الثلاثين من الشهر الجاري.
انقسام انعكس مخاوفا على الشارع في مدينة سيمفروبل عاصمة الإقليم، التي تغيب عنا مظاهر الحياة الطبيعية، فالكثير من المحلات مغلقة، والترقب والحذر سيدا الموقف.
زرنا وسط المدينة، حيث أنزل العلم الأوكراني ورفع الروسي على مبنيي البرلمان والحكومة المحاطين بمسلحين "مجهولين"، يؤكد جميع من تحدثنا إليهم أنهم تابعون للقوات العسكرية الروسية، وإن لم يحملوا ما يدل على ذلك.
ماكسيم يقف ملوحا بالعلم الروسي أمام مبنى حكومة الإقليم، سعيدا بأن القرم، الذي يتمتع (حتى الآن) بنظام حكم فيدرالي، سيعود إلى "روسيا الأم" قريبا، ومؤكدا أن غالبية الشعب القرمي تؤيد هذا التوجه، كما قال.
أما الصحفي التتري ديلافير فيقول: "نعم، غالبية الشعب القرمي هي من الروس أو من أصول روسية (نحو 50% من إجمالي عدد السكان البالغ 2.5 مليون نسمة تقريبا)، لكنها لا تؤيد دخول القوات الروسية إلى الإقليم، أو استقلاله، أو انضمامه إلى روسيا".
جدل يتصاعد
جدل القرميين لا تحسمه نتائج استطلاعات الرأي في المرحلة الحالية، التي تنحاز حتى الآن إلى روسيا أو سلطات كييف الجديدة الموالية للغرب.
وينعكس هذا الجدل أيضا على ساسة القرم، لاسيما بعد تعيين البرلمان رئيس حركة "الوحدة الروسية" سيرهي أكسونوف رئيسا للحكومة، الذي أعلن ولاء السلطات وقوى الأمن له، وطلب من روسيا مساعدة الإقليم أمنيا واقتصاديا.
الأوكرانيون (نحو 30%) والتتار (نحو 20%) رفضوا الحكومة الجديدة، معتبرين أنها غير شرعية، وأنها جاءت بالقوة العسكرية التي طوقت البرلمان وأجبرته على التصويت لاختيارها، ومنعت دخول النواب المعارضين للتدخل الروسي والاستفتاء الذي دعت إليه.
أحداث مصطنعة
تحدثنا إلى فلاديمير كازارين، وهو نائب قرمي من أصول روسية، وكان نائبا لعمدة مدينة سيفاستوبل حيث يعظم وجود الروس، ويرابط الأسطول الروسي على شواطئها، فقال: "أنا أعتبر أن دخول القوات الروسية خطأ كبير سيوحد الأوكرانيين ضد روسيا كدولة محتلة بغض النظر عن اختلافات رؤاهم للأحداث، وقد يحرك الشارع الروسي ضد قيادته أيضا".
ورأى أن ما يحدث في القرم الآن "مصطنع" مشيرا إلى أن الخوف سيد الموقف في الإقليم، وليس الفرحة بقدوم جنود روسيا للحماية، ومؤكدا أن الحكومة الحالية لا تمثل إلى أقلية قليلة في البرلمان (4 نواب لحركة الوحدة الروسية من أصل 100)، ولكنها الأكثر جنوحا نحو الانفصال والولاء لموسكو.
وأشار كازارين إلى أن النخبة المثقفة القرمية، وما لا يقل عن 75% من سكان الإقليم، يرفضون التدخل العسكري الروسي أو الانفصال عن أوكرانيا؛ لكنه توقع أن يتم تزوير الاستفتاء المعلن، لصالح فصل القرم عن أوكرانيا، أو حتى ضمه لروسيا، عقابا لسلطات كييف الجديدة والغرب الداعم لها.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022