محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
بعيدا عن أجواء الاحتجاجات والمواجهات في ميدان الاستقلال وشوارع وسط العاصمة كييف، يعيش الأوكرانيون مخاوف بعيدة عن السياسية قريبة من الأزمة، لا تتعلق (توقعا أو تمنيا) بانزلاق البلاد نحو حرب أهلية، وتستبعد تدخل الجيش وسيلان مزيد من الدماء على غرار نماذج دول الربيع العربي.
مخاوف الأوكرانيين اقتصادية بالدرجة الأولى، فالبلاد تقف على حافية انهيار وركود اقتصادي بسبب الأزمة، لن تستطيع جيوب العامة تحمل تبعاتها، ومعظمهم (كما قال لنا بعضهم) من ذوي الدخل المحدود، الذي يبلغ وسطيا ما بين 300 – 400 دولارا فقط.
ولهذه المخاوف ما يبررها ويعززها، خاصة بعد تراجع قيمة العملية المحلية (الهريفنة) أمام العملات الأجنبية بشكل حاد (من 8.2 إلى نحو 9 هريفنات عن الدولار الواحد مثلا)، إضافة إلى الارتفاع التدريجي لأسعار المحروقات، وتوقعات بأن يؤثر ذلك على أسعار المواد الغذائية قريبا جدا.
فيكتوريا موفتشان الخبيرة في مركز الدراسات الاقتصادية في العاصمة كييف قالت إن مخاوف الأوكرانيين تدفعهم الآن لشراء العملات الأجنبية بدل الاحتفاظ بالهريفنة التي بدأت تفقد قيمتها، ومن المتوقع ألا تعود إلى ما كانت عليه قريبا.
وأشارت إلى أن ارتفاع أسعار المحروقات والصرف سيؤثر تدريجيا على أسعار الغذاء، وخاصة خلال فصل الشتاء، حيث يتراجع الإنتاج المحلي، ويزداد حجم الواردات، التي تدفع قيمتها بالدولار أو اليورو.
ضغوط روسية
ويرى خبراء أن الأزمة السياسية أدخلت البلاد في أخرى اقتصادية لا تقل خطورة، تزداد حدتها نتيجة التأثر بعدة عوامل خارجية، من أبرزها ضغوط قد تمارسها روسيا.
الخبيرة موفتشان تشير إلى أن أوكرانيا تستورد 80% من احتياجات الطاقة من الجارة روسيا، وبالتالي فإن تلويح موسكو بتجميد اتفاقياتها الأخيرة مع كييف، التي تشمل خفض أسعار الغاز من 450 إلى 286 دولار عن كل 1000 متر مكعب، وإيداع 15 مليار دولار في البنك المركز الأوكراني، سيزيد الأمر تعقيدا وسوءا.
ولفتت موفتشان إلى أن روسيا قد تعود كذلك لعرقلة مرور البضائع الأوكرانية عبر حدودها، والتمسك بأسعار الغاز السابقة، والمطالبة بالديون المستحقة عن وارداته، تماما كما فعلت لثني نظام الرئيس فيكتور يانوكوفيتش عن توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وإبقاء أوكرانيا في معسكرها، الأمر الذي أشعل الاحتجاجات قبل ثلاثة أشهر.
وأضافت أن الاقتصاد الأوكراني أضعف من أن يعتمد في المرحلة الراهنة على نفسه دون دعم خارجي، ولذلك فهو مهدد بالانهيار في أية لحظة.
لواذ بأوروبا
وتلقي هذه المخاوف بظلالها على تحركات المعارضة، التي طالبت الغرب بمساعدات مالية، وسط توقعات بأن تكون الحكومة المقبلة في قبضتها، بعد عرض قدمه الرئيس يانوكوفيتش لها مؤخرا.
أرسيني ياتسنيوك زعيم حزب الوطن "باتكيفشينا" المعارض، وهو الذي عرض عليه يانوكوفيتش رئاسة الحكومة، تحدث عن حاجة البلاد لخمسة عشر مليار دولار، ثم أعلن استعداد صندوق النقد الدولي لمنح قرض بهذه القيمة، بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ولكن الخبيرة موفتشان تعتبر أن هذا الاستعداد يبقى مرهونا بتحقيق شيء من الاستقرار السياسي في البلاد، ثم بتشكيل حكومة، وبالتالي لن يتم قريبا في ظل زيادة الاحتقان والتوتر، وعدم وجود أي ملامح لحل الأزمة.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022