يوم الأمس لم يكن كغيره بالنسبة لمسلمي أوكرانيا، ففيه أعلن عن أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الأوكرانية، بعد أن كانت ترجمة معانيه تقتصر على الروسية، كحال معظم كتبهم الإسلامية.
لكن الإعلان عن الترجمة قوبل بحضور لافت إلى معرض الكتاب وسط العاصمة كييف، من قبل شريحة واسعة من نخب الأوكرانيين وعامتهم أيضا، وكذلك من قبل مختلف وسائل الإعلام المحلية.
إقبال فسرته دانا بافليتشكو مديرة دار "أوسنوف" للنشر، فقالت إن "القرآن ليس كتاب المسلمين الرئيس فحسب، بل هو إرث عالمي يضم نظما وتعاليما وفنونا أدبية؛ ولهذا فهو كتاب عالمي يجب أن يكون في مكتبات جميع الأوكرانيين".
وفي سياق متصل، قال إسلام عماد الدينوف رئيس دار "أنصار فاوندريشين" لطباعة ونشر الكتب الإسلامية إن تنامي الحس القومي بعد الأزمة مع روسيا دفع الكثير من الأوكرانيين المسلمين وغير المسلمين إلى التمسك بالأوكرانية كلغة وطنية، كما دفع كثيرا من دور النشر والمواقع الإلكترونية إلى اعتماد اللغة الأوكرانية كرئيسية.
إيصال المعاني
وبالإضافة إلى ما سبق، رأى بعض المتحدثين أن أهمية الحدث تكمن في أن ترجمة المعاني تمت –ولأول مرة- من اللغة العربية مباشرة، الأمر الذي يفتح الباب واسعا لترجمة مزيد من الكتب الإسلامية وغيرها.
ميخائيل يعقوبوفيتش هو من ترجم معاني القرآن، وعنه قال: "اللغة العربية غنية، والترجمة منها أفضل لإيصال المعاني كما هي. ترجمة عدة كتب أخرى حول الإسلام والمسلمين أمر مهم جدا".
وأضاف: حاول الكثيرون ترجمة معاني القرآن إلى الأوكرانية، لكن جميعهم اعتمد على النسخ الروسية، وكذلك فعل معظم من ترجم كتب المشرق العربي المختلفة إلى الأوكرانية، وهذا باعتقادي جهد كبير، لكنه يفقد الكثير من المعاني والمفاهيم بسبب فروقات التعبير في اللغات".
وقال سعيد إسماعيلوف مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة" إن النسخة زُكيت من قبل كل من الإدارة واتحاد "الرائد"، الذي يعتبر أكبر مؤسسة تعنى بشؤون المسلمين في أوكرانيا، ولهذا نحن سعداء بالقول إن لدينا نسخة رسمية من معاني قرآننا".
وعن هذه الخطوة قال إسماعيلوف: "مسلمو أوكرانيا يتمنون متابعة جهود الترجمة، لتشمل بعد القرآن الكريم كتبا إسلامية أخرى في شتى المجالات".
سعادة ودعوة
وبعيدا عن المعرض، كانت السعادة قاسما مشتركا لمشاعر مسلمي كييف، فالترجمة الجديدة ستسهل عليهم تعلم الدين وتعاليمه، وستفتح عليهم آفاقا في مجال "الدعوة والتعريف بالإسلام"، كما يقولون.
في مسجد المركز الثقافي الإسلامي بكييف قابلنا هريهوري (نور الدين) وهو يقرأ ترجمة المعاني بالأوكرانية، فقال للجزيرة نت: "كنا نقرأ ترجمة معاني القرآن باللغة الروسية، ولكنا اليوم سعداء بوجود النسخة الأوكرانية، لأن شريحة واسعة من مسلمي أوكرانيا وغيرهم لا تقرأ الروسية عمدا بسبب الأزمة مع روسيا، أو جهلا بها، خاصة في مناطق وسط وغرب البلاد".
وأضاف: "اليوم نستطيع تعريف جميع الأوكرانيين بالإسلام والمسلمين، وكذلك بعاداتهم وأساليب عيشهم؛ والشعب الأوكراني شغوف بالاطلاع على ثقافات وعادات الغير"، على حد قوله.
يذكر أن تعداد مسلمي أوكرانيا يتجاوز 500 ألف نسمة وفق إحصائيات حكومية، لكنه يتجاوز المليون ونصف في إحصائيات منظمات اجتماعية، معظمهم من تتار إقليم شبه جزيرة القرم الذي ضمته روسيا إلى أراضيها في آذار/مارس من العام الماضي.
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022