محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
نقطة تحول لافتة طرأت على موقف أوكرانيا إزاء قرار روسيا ضم إقليم شبه جزيرة القرم إلى أراضيها، بعد أن تبنى البرلمان يوم الأمس قرارا يدعو إلى "النضال" من أجل تحرير القرم مهما كان الأمر طويلا وأليما، مجددا عدم الاعتراف بضمه إلى روسيا.
قرار الأمس يأتي ذروة لإجراءات أخرى أقرها البرلمان مؤخرا في إطار التوتر القائم مع روسيا، بدءا من وضع الجيش في حالة تأهب قصوى وإجرائه تدريبات قتالية في عدة مناطق، مرورا بإعلان تعبئة جزئية لقوات الاحتياط فيه، وانتهاء بإعلان الرئيس المؤقت أوليكساندر تورتشينوف حالة الحرب في البلاد.
وكان رئيس الوزراء أرسيني ياتسنيوك قد أعلن يوم الثلاثاء أن "الصراع بين أوكرانيا وروسيا انتقل من المرحلة السياسية إلى العسكرية"، بعد مقتل جندي أوكراني وسيطرة البحرية الروسية على سفن أوكرانية في القرم.
وفي ذات الإطار أيضا، كان مجلس الأمن القوم والدفاع الأوكراني قد أعلن عن خطة سرية لاحتواء الأزمة، ثم عن تشكيل "الحرس الوطني" من قبل متطوعين، قال إن تعدادهم بلغ 40 ألفا.
دعم ومناورات
ويرى خبراء أن التحركات الأوكرانية لا تقتصر فقط على المستوى الداخلي، بل تشمل أيضا مساعي حشد الدعم والتأييد الخارجي لمواجهة "الأطماع الروسية"، كما يصفها بعضهم.
وبالفعل، أعلن أندريه باروبي سكرتير مجلس الأمن والدفاع الأوكراني عن مناورات وتدريبات مشتركة قريبة مع قوات بريطانية وأمريكية، مشيرا إلى أن "تلك الدول هي التي ضمنت لأوكرانيا سيادتها وسلامة أراضيها من خلال وثيقة بودابست 1994، التي تخلت بموجبها كييف عن السلاح النووي، إلى جانب روسيا التي خرقت الوثيقة".
ياروسلاف جاليلو نائب عميد معهد الدراسات الاستراتيجية التابع لمؤسسة الرئاسة الأوكرانية، قال إن أوكرانيا تستعد للحرب، مدركة أن الأطماع الروسية بدأت بالقرم ولن تقف عنده، وأن روسيا هي التي تقود وتوجه الحراك الانفصالي في مدن شرق أوكرانيا، تماما كما فعلت في القرم.
واعتبر جاليلو أن المناورات مؤشر على دعم الغرب لكييف في مواجهة تلك الأطماع، التي باتت تشكل تهديدا له أيضا.
واعتبر جاليلو أن أوكرانيا تريد مشاركة ودعم الغرب في صد العدوان الروسي، سواء كان ذلك سياسيا أو عسكريا، لأنها بذلك تعزز موقفها، وتتدارك حقيقة أن الجيش الأوكراني أضعف وأقل تعدادا وعددا من نظيره الروسي، لم يخض أي حرب منذ الاستقلال.
قرار الحرب
أجواء الاستعداد للحرب سائدة في أوكرانيا، فهي حديث الساسة والعامة، وشعارات دعم وتأييد الجيش والقوات البحرية الأوكرانية حاضرة في ميدان الاستقلال بالعاصمة كييف، و تعكس جانبا من تلك الأجواء.
لكن ياروسلاف جاليلو يرى أن أوكرانيا لم تعلن الحرب بعد، وأن أولوياتها في المرحلة الراهنة إفشال السيناريو القرمي في شرق البلاد، وباستخدام الجيش الذي عزز مواقعه فيها.
واعتبر أن قانون "النضال من أجل تحرير القرم" يشمل جميع الوسائل المتاحة، من سياسية واقتصادية واجتماعية، إضافة إلى العسكرية أيضا كآخرها.
وفي هذا الإطار، أشار إلى أن البرلمان اعترف بتتار القرم كسكان أصليين للبلاد، وهذا يمنح البلاد حق حمايتهم حماية الأوكرانيين في القرم من أي اعتداء قد يتعرضون له، وتتوجه نحو فرض تأشيرات على دخول الروس إليها، وقد ترفع أسعار نقل الغاز الروسي عبر أراضيها، وتتحول لشرائه من أوروبا.
كما أشار إلى تحكم أوكرانيا بجميع نواحي الحياة الاقتصادية للقرم، من إمدادات ماء وكهرباء وغاز، إضافة إلى شبكات الاتصال والحسابات المصرفية والبنوك، وهي أوراق ضغط تهدد بانهيار الاقتصاد القرمي قد تستخدمها عن الحاجة، وإن نفت نوايا استخدامها سابقا.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022