أزمة المهاجرين بين بيلاروسيا وبولندا.. أوكرانيا تعزز حدودها وتتحسب للأسوأ

نسخة للطباعة2021.11.12

صفوان جولاق - كييف

صدى أزمة المهاجرين على الحدود البيلاروسية البولندية يتردد في أوكرانيا، وكييف تدق ناقوس الخطر -على ما يبدو- وتستعد لتكرار المشهد على حدودها الشمالية.

خلال الساعات الـ48 الماضية، بحث الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الأزمة هاتفيا مع نظيره البولندي، أندري دودا، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل؛ وبعدها، سرعان ما عقد مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني جلسة طارئة لبحث هذه القضية.

يبدو أن هواجس انتقال الأزمة إلى حدودها تخيم على أوكرانيا فعلا، فقد قرر المجلس تعزيز أمن الحدود مع بيلاروسيا، من خلال الدفع بمزيد من الحرس إلى تلك المناطق الحدودية، مدعومين بقوات من الحرس الوطني والشرطة، وحتى الجيش، إن لزم الأمر.

أزمة جديدة

وأوكرانيا، التي تخوض حربا ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في شرقها، والغارقة في أزمات سياسية واقتصادية عدة، والمتأثرة بجائحة كورونا أكثر من غيرها، وبتداعيات أزمات عالمية أخرى، تخشى أن تكون مسرحا لأزمة جديدة عنوانها "الهجرة"، قد لا تستطيع تحمل أعبائها.

وبالفعل، حذر رئيس الوزراء البولندي، ماتيوس مورافيسكي، أوكرانيا، من أن المهاجرين قد يحاولون الدخول إلى الاتحاد الأوروبي، ليس فقط من خلال بلاده، بل من خلال أراضي أوكرانيا أيضا.

في منشور على فيسبوك، رأى إيهور هوجفا، وهو رئيس تحرير موقع "سترانا" (البلد) المعارض، الذي أغلقته السلطات الأوكرانية قبل أسابيع، أن "التوقعات المتعلقة بأزمة المهاجرين لا تدعو إلى الطمأنينة، فبولندا لن تسمح بدخولهم من الخاصرة الشرقية للاتحاد الأوروبي، الذي لن يلوم وارسو مهما فعلت، بل سيتهم "الديكتاتور الأوروبي الأخير (لوكاشينكو)، كما يصفونه في الاتحاد"، في إشارة إلى إمكانية استخدام بولندا القوة والعنف لصد المهاجرين.

ويضيف: "في مثل هذه الحالة، قد يتدفق المهاجرون إلى الاتحاد الأوروبي عبر أوكرانيا. حدودنا مع بيلاروسيا مغلقة، ولكن، لطالما عملت هياكلنا الأمنية الفاسدة على حماية "مسارات الهجرة" إلى الاتحاد الأوروبي. من غير المرجح أن تقاوم هذه الهياكل إغراء كسب المال، من خلال نقل آلاف المهاجرين الجدد سرا إلى أوروبا، دون تنظيم وتصوير طوابير طويلة، لعدم إثارة الانتباه".

ورغم أن وزير الداخلية الأوكراني، دينيس موناستيرسكي، أكد أنه "في حالة تدفق المهاجرين، فإن أوكرانيا ستستجيب في إطار القانون"، إلا أن هوجفا يعتبر أن "هذا الواقع سيدفع البلاد نحو مواجهة أزمات اقتصادية واجتماعية وأخلاقية، وسياسية مع الاتحاد الأوروبي، حليفها وداعمها الرئيس".

لعبة روسية

واللافت أن كثيرين في أوكرانيا يربطون بين هذه الأزمة مباشرة بروسيا، معتبرين أنها تدار من موسكو، وأن الرئيس لوكاشينكو بات مجرد أداة بيد بوتين والكرملين، إن صح التعبير.

فيتالي بورتنيكوف كاتب ومحلل سياسي، يقول للجزيرة نت: "تلعب روسيا دورا رئيسا في هذه الأزمة، خاصة وأنها حليفة لوكاشينكو الوحيدة في المنطقة اليوم، ومستفيدة من وجود توتر على حدود الاتحاد الأوروبي، للضغط عليه وفقا لمصالحها"، في إشارة إلى أن دول الجوار والاتحاد الأوروبي رفضت الاعتراف بفوز لوكاشينكو في انتخابات الرئاسة البيلاروسية عام 2020، ودعمت حراك المعارضة ضده لاحقا.

وللجزيرة نت، يقول الكاتب والمحلل السياسي، دميترو فورونكوف: "لوكاشينكو لجأ إلى بوتين بعد أن نبذه الغرب، ورمى نفسه في فخ القروض الروسية، حتى أصبح مستعدا لتنفيذ أي أجندة يريدها الكرملين، مقابل الاحتفاظ بالسلطة، ومهما كان الثمن".

ويضيف: "ما يقوم به لوكاشينكو على حدود الاتحاد هو إرهاب دولة حقيقي، يستغل حاجة المهاجرين ومعاناتهم".

مجرد بداية

ويرى المحللون أن الأزمة الراهنة ما هي إلا فتيل أزمة أكبر وأخطر تلوح في الأفق، ومقدمة لتصعيد قد يهدد أوكرانيا ودول المنطقة، وبالقوة العسكرية ربما.

يقول الكاتب والمحلل السياسي، دميترو فورونكوف: "بوتين دفع قوات أمنية إلى بيلاروسيا لدعم لوكاشينكو في مواجهة معارضيه، وزاد حجم وجود القوات الروسية في قاعدة منطقة "يلينيا" القريبة من الحدود الشمالية ومن الحدود مع بيلاروسيا، إلى 90 ألف عسكري".

ويضيف فورونكوف: "أوكرانيا تخشى تطويق القوات الروسية لها من ثلاث جهات اليوم (القرم المحتل جنوبا، وإقليم الدونباس الذي يسيطر عليه الانفصاليون شرقا، وبيلاروسيا شمالا)، وتدرك جيدا أن القوة خيار مفضل بالنسبة للقيادة الروسية في تعاملها مع الأزمات، خاصة إذا كانت داخلية أو قريبة منها".

وتابع: "حتى بولندا ودول البلطيق تشارك أوكرانيا هذه المخاوف، لأنها تعلم أن أزمة المهاجرين مصطنعة وتدار من قبل روسيا، والأخيرة تسعى إلى استعادة نفوذها في جميع مناطق الاتحاد السوفيتي السابق".

ويختم بالقول: "أعتقد أن خيار التصعيد العسكري وارد اليوم أكثر من أي وقت مضى، لاسيما في ظل اهتمام حلف الناتو (NATO) بالتعاون مع أوكرانيا، لكنه يبقى الخيار الأخير، وقد تسبقه خيارات سياسية واقتصادية أخرى، كتلك التي رأينها عندما أعلنت موسكو قطع علاقاتها مع الناتو، وافتعلت أزمة الغاز".

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

الجزيرة

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022