الشيوعية باقية في أسماء التتار المسلمين بأوكرانيا وروسيا

الشيوعية باقية في أسماء التتار المسلمين بأوكرانيا وروسيا
التتار اضطروا لاستخدام أسماء دخيلة خوفا من بطش النظام السوفيتي وتمييزه
نسخة للطباعة2012.08.31

تنتشر بين التتار في أوكرانيا وروسيا أسماء لا أصل لها في هويتهم وثقافتهم التترية الإسلامية، ظهرت في أواسط القرن الماضي إبان الحقبة السوفيتية، وارتبطت ارتباطا وثيقا بفكره الشيوعي.

ومن أشهر هذه الأسماء وأكثرها رواجا اسم "رينات" الذي فيه اختصار يجمع ثلاثة كلمات كانت رمزا للشيوعية، وهي الثورة والعلم والعمل، وكذلك "لينور" الذي يجمع جزئا من اسم الزعيم السوفيتي لينين والاسم التتري الإسلامي نور، و"مرلين" الذي يجمع بين اسمي ماركس ولينين، إضافة إلى عدة أسماء أخرى.

واللافت أن هذه الأسماء تنتشر فقط بين التتار، وباتت خاصة بهم، في حين تنتشر بين أعراق وقوميات سوفيتية سابقة أسماء أخرى تحمل الطابع السوفيتي الشيوعيأيضا.

ولاء ونفاق

يروي الشيخ سعيد إسماعيلوف مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة" ظروف ظهور وانتشار هذه الأسماء، فيشير إلى أنها عبرت عن ولاء التتار للاتحاد والحزب الحاكم آنذاك، إيمانا به، أو خوفا من بطشه وإقصائه.

ويوضح أن مناصب العمل وأماكنه الرفيعة كانت تمنح للأكثر ولاءا وقربا من الحزب، ما دفع الكثير من التتار لتغيير أسمائهم، وتسمية أبنائهم بأسماء تحمل الولاء، حتى لا يتعرضون للتمييز في العمل أو الدراسة.

ويشير إسماعيلوف إلى أن انتشار هذه الأسماء زاد كثيرا بعد الحرب العالمية الثانية، التي هجر خلالها تتار إقليم القرم جنوب أوكرانيا قسرا بدعوى الخيانة، وذلك خوفا من بطش النظام وتمييزه.

ويشير أيضا إلى أن انتشار هذه الأسماء الأوسع كان بين التتار في روسيا، وبين تتار "كازان" في إقليم الدونباس شرق أوكرانيا.

تمسك بالهوية

ولم تمنع تلك الظروف التتار من التمسك بأسمائهم التترية الإسلامية، حتى وإن كان لذلك تبعات اقتصادية واجتماعية قاسية، "فالدين والثقافة والهوية أثمن من أن تضيع أو تبدل بأسماء دخيلة أو مصالح ثانوية"، كما وصفها إسماعيلوف.

وإسلام عماد الدينوف (43 عاما) مثال على هذا التمسك، يستعرض جانبا من حياة ومواقف أبيه، فيقول إنه ترك العمل في مناجم الفحم بإقليم الدونباس، وآثر العمل في زراعة الأرض على "النفاق والمداهنة"، ليحفظ لأسرته وأبنائه دينهم وهويتهم.

ويقول عماد الدينوف الذي يترأس مؤسسة "أنصار فاونديشين" لترجمة وطباعة الكتب الإسلامية في أوكرانيا، يقول إن والده - والكثيرن غيره – وقفوا ضد عملية تذويبهم السلبي في المجتمع قدر المستطاع، ونجحوا رغم كل التبعات بالحفاظ على أجزاء كبيرة من الهوية.

واليوم، يعيش عماد الدينوف مع أبنائه إبراهيم وأحمد وعبد الله وعلي، مؤكدا أنه فخور بأسمائهم، ويقدر عظم "التضحيات" التي قدمها والده له ولإخوانه عندما كان لاختيار الأسماء تبعات اقتصادية واجتماعية وأمنية.

تدارك أخطاء

واللافت بين التتار أن الكثيرين منهم يجهلون الخلفية التاريخية والفكرية لانتشار تلك الأسماء التي لا تزال تطلق على مواليدهم الجدد، لأنهم يعتبرونها أسماء تترية خاصة.

رينات طاهروفيتش هو إمام وخطيب مسجد مدينة كراسنولوتش في شرق أوكرانيا، يقول إنه وباقي أئمة إقليم الدونباس يحثون المسلمين على تسمية أبنائهم بأسماء إسلامية تعبر عنهم لتدارك أخطاء الماضي، ويعتبر أن اسمه "رينات" دليل على حقبة ظلم واضطهاد بلغ حتى الأسماء.

وأشار إلى وجود حملة في الإقليم، أطلقها منذ عدة أعوام اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" - أكبر مؤسسة تعنى بشؤون الإسلام والمسلمين في أوكرانيا – لنشر اسم "محمد" بين مواليد التتار الجدد.

يذكر أن مجتمع أوكرانيا يضم نحو 2 مليون مسلم من أصل نحو 46 مليونا، يشكل التتار نسبة تقارب 40% منهم، ويعيش معظمهم في إقليمي شبه جزيرة القرم جنوبا والدونباس شرقا.

أوكرانيا برس + الجزيرة نت

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022