"معركة قضائية هادئة" تلك التي خاضتها الناشطة الأوكرانية المسلمة أولغا فرينداك على مدار تسعة أشهر مضت، كما تقول، دافعت فيها أمام القضاء وخلال مختلف اللقاءات والمشاركات عن حق المسلمات بالتصوير بالحجاب للوثائق الرسمية الداخلية وجوازات السفر.
فرينداك التي تترأس جمعية "معا والقانون" الحقوقية الخاصة بالدفاع عن حقوق العرب والمسلمين، مُنعت شخصيا من التصوير بالحجاب لإصدار جواز سفر في آذار/مارس من العام الماضي.
للجزيرة نت، أشارت الناشطة إلى أن مسألة المنع بدأت في إحدى دوائر "خدمة الجوازات" بالعاصمة كييف، ثم توسعت دائرتها لتشمل جميع الدوائر في العاصمة وغيرها من المدن، قبل أن تشمل حتى المسلمات القادمات بالحجاب إلى أوكرانيا.
"هذا المنع كان يخول السلطات حق طلب خلع الحجاب للتصوير، أو للتأكد من الشخصية عند المعابر الحدودية"، تقول فرينداك.
برلمان فوزارة
لم تكن فرينداك أول مسلمة تتعرض لهذا الموقف، بل سبقتها إليه مسلمات كثر في أوكرانيا، التي يشكل فيها المسلمون نسبة 2-4% من إجمالي عدد السكان البالغ حاليا نحو 42 مليون نسمة، وفق تقديرات مختلفة.
تقول: "الكثير من المسلمات قبلن بالتصوير دون حجاب، طوعا أو اضطرارا، وبعضهن تقدمن بشكاوى إلى بعض المؤسسات أو الشخصيات للتدخل، وقد سُمح لبعضهن بالتصوير على مسؤوليتهن، لكن هذه المشكلة تفاقمت لاحقا، حتى أصبح حلها أكثر صعوبة".
عملت فرينداك على هذه القضية كمسلمة وناشطة حقوقية، فجمعت بداية الشكاوى الموجهة إلى دائرة الهجرة، ورفعت دعوى إلى القضاء؛ وسرعان ما تدخلت إلى جانبها الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمّة"، ليصل صدى القضية إلى لجنة حقوق الإنسان والأقليات في البرلمان، التي طالبت وزارة الداخلية بالتدخل.
في حديث مع الجزيرة نت، قال الشيخ سعيد إسماعيلوف مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمّة" إن "تدخل البرلمان غير موقف وزارة الداخلية، التي نظمت اجتماعا في شهر تشرين الثاني/نوفمبر لبحث القضية، حضره ممثلون عن مختلف الإدارات والمؤسسات الإسلامية، وحتى المسيحية الكاثوليكية التي انضمت إلينا".
خلص الاجتماع إلى اتفاق بين الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمّة" والوزارة، على تشكيل لجنة مستقلة تدرس خصوصية المسألة، لتقدم خلال 6 أشهر توصياتها للمعهد العلمي الوطني، المخول رسميا بتحديد المعايير والإجراءات في المؤسسات المعنية.
كراهية أم فساد؟
وبينما تتجه القضية في طريقها نحو الحل، لا تستبعد الناشطة أولغا فرينداك أن تكون بدايتها مرتبطة بموقف كراهية تجاه المسلمين، لكنها مفتي مسلمي أوكرانيا يرفض التعميم.
"المشكلة بدأت في دائرة خدمة الجوازات الرئيسية في كييف، وقد بدا لي أن موقف بعض المسؤولين هناك حمل نوعا من الكراهية تجاه المسلمين. لا أريد ذكر أسمائهم، ولكن ربما بسببهم انتقل الأمر إلى باقي الدوائر، خاصة وأننا نتحدث عن مشكلة لم تكن موجودة في أوكرانيا"، تقول فرينداك.
وأوضحت بالقول إن حجة دائرة الهجرة أثناء اجتماع الوزارة كان وجود معايير معتمدة في أوكرانيا عام 1994، وهي معايير سوفييتية عمليا، ألغتها معايير منظمة الطيران المدني الدولية.
أولغا كليريني مسؤولة إحدى دوائر خدمة الجوازات، قالت في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت: "نعم، لا توجد قوانين أوكرانية تسمح بالتصوير بالحجاب، لكننا كنا دائما نعتمد على المعايير الدولية المعتمدة، التي تسمح بالحجاب، وفق شروط معينة، تبرز ملامح الوجه الرئيسية".
الشيخ سعيد إسماعيلوف مفتي مسلمي أوكرانيا، قال: "لا مظاهر تذكر للكراهية ضد المسلمين في أوكرانيا، وما حدث لا يتعدى أن يكون حالة فردية باعتقادي، أو حالة فساد إن صح التعبير، لهذا سعينا إلى حل القضية بهدوء، ووصلنا إلى نتيجة".
ولفت في هذا السياق إلى أن "القضية خصّت أيضا لباس راهبات المسيحية الكاثوليكية، وقد وقفنا معا، ووقفت معنا عدة منظمات وشخصيات مسيحية أرثوذكوسية، وهذا حقيقة أسعدنا، وعبر عن تعاون وتفاهم بين مختلف فئات المجتمع الأوكراني"، على حد قوله.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022