بعد أشهر من النقاش الداخلي، لم تحسم إدارة ترامب أمرها بعد بشأن ما إن كان ينبغي لها أن تزود أوكرانيا بأسلحة دفاعية لطالما طلبتها. والنتيجة الفعلية لذلك هي مواصلة سياسة إدارة أوباما المتمثلة في حرمان كييف مما تحتاجه لمقاومة الاعتداء والتحرشات الروسية المتواصلة، وتأجيج الشكوك بشأن استعداد ترامب للوقوف في وجه بوتين.
مسؤولو مجلس الأمن القومي الأميركي يشددون على أن الإدارة الأميركية تدرس ببطء، ولكن بثبات، ما إن كان ينبغي تزويد قوات الأمن الأوكرانية بالقدرات اللازمة للرد على التسللات الروسية باستخدام الدبابات والمدفعية ومعدات أخرى في أجزاء محتلة من شرق أوكرانيا. ولهذا الغرض، عُقد اجتماع للجنة المديرين التابعة للمجلس، والتي تضم أعضاء المجلس الوزاري، تم خلاله بحث هذا الموضوع قبل عدة أسابيع. واليوم يعمل المسؤولون على إعداد مجموعة من الخيارات التي سيقدمونها لترامب، كما يقول مسؤول رفيع في مجلس الأمن القومي.
قرار ترامب الوشيك ستكون له تداعيات تتعدى منطقة دونباس، إذ تحذّر الحكومة الأوكرانية من أنه رغم كون القتال قد خفت حدته نسبياً هناك، فإن موسكو ما زالت تعمل على تغيير الحقائق على الأرض. لكن «الأمر لا يتعلق بالأسلحة فقط، بل بالإشارة السياسية»، كما يقول آرتر جيراسيموف، العضو البارز في البرلمان الأوكراني من حزب الرئيس بيترو بروشينكو.
وبالطبع، فإن الولايات المتحدة تزوّد أوكرانيا بمجموعة من المواد ذات الاستخدام العسكري مثل العربات المصفحة والإمدادات الطبية وأجهزة الرؤية الليلة. ولكن منذ سنوات والحكومة الأوكرانية تلتمس من واشنطن تزويدها بمعدات تستطيع الرد بها على المدرعات والمدفعية والطائرات الروسية.
ولكن الولايات المتحدة رفضت تزويدها بصواريخ «جافلن» المضادة للدبابات، ورادار مضاد للبطاريات يستطيع الرصد داخل الأراضي الروسية، ومعدات متطورة للاتصال والأغراض الاستخباراتية. وخلال رئاسة باراك أوباما، كانت ثمة جهود من وزارة الخارجية والمسؤولين العسكريين الأميركيين لتغيير هذه السياسة. لكن البيت الأبيض تلكأ إلى أن أصبح واضحاً أن التلكؤ هو قرارٌ بعدم فعل أي شيء.
سياسة إدارة ترامب الخاصة بأوكرانيا تقوم على إعادة تنشيط عملية مينسك، التي تنص على احترام روسيا لوقف إطلاق النار، وإزالة أسلحتها الثقيلة من الأراضي الأوكرانية، واحترام الحدود. ولكن بوتين لا يقوم بأي من هذه الأشياء.
وقد كانت إدارة أوباما قلقة لكون منح الأوكرانيين مساعدات عسكرية أكبر من شأنه إعاقة التقدم الدبلوماسي وقد يفاقم الأزمة عبر استفزاز بوتين. غير أن أوضح وأقوى تفنيد لهذه الحجة هو ذاك الذي قام به وزير الدفاع في إدارة ترامب جيم ماتيس، حين دافع عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة أثناء وقوفه إلى جانب بوروشينكو في كييف في أغسطس الماضي.
وكانت حملة ترامب قد تصدت لجهود تروم جعل البرنامج الجمهوري يدعم المساعدات العسكرية لأوكرانيا. وكثيراً ما قال ترامب إنه يريد تحسين العلاقات مع روسيا، لكن ذلك لا يمكن أن يتم إلا من موقع قوة. والولايات المتحدة فشلت في منع روسيا من التدخل في جورجيا ومولدوفا والقرم. وعلى ترامب الآن أن يقرر ما إن كان سيساعد أوكرانيا على التصدي للتدخلات الروسية أم أنه سيسمح لبوتين بخلق «نزاع مجمد» آخر!
المقال بالعربية نقلا عن صحيفة الاتحاد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022