مارس الإتحاد السوفيتي (1922- 1991م) سلسلة من حملات القمع والإضطهاد السياسي، شملت الفلاحين والنخبة المثقفة ومسؤولين في الحزب الشيوعي والحكومة، وقيادات في الجيش الأحمر.
وكانت أقسى هذه الحملات في فترة حكم الزعيم جوزيف ستالين (1878-1953م) بين عامي 1924- 1953م، وقد أطلق عليها "التطهير الكبير" أو "التطهير العظيم" أو "الإرهاب الأحمر" تم خلالها حملات من القمع والإرهاب والتهجير شملت أعراقا عدة، وحتى عسكريون وموظفو المناصب الرسمية في الدولة السوفيتية.
في العهد الستاليني تجلّت هذه الممارسات في موجات تهجير جماعية قسرية وافتعال المجاعات، واعتقالات وأحكام قاسية وإعدامات، وتطهير عرقي ومسخ للهوية وإرهاب عانت منها شعوب متعددة حكمها الإتحاد السوفيتي ومواطنو الشعوب المجاورةمن : الليتوانيين واللاتفيين والإستونيين، والأوكران، وتتار القرم والشيشان والإنغوش، وأتراك المسخيت، وشعوب وسط آسيا والبولنديين والمجريين والرومانيين والفنلنديين واليابانيين والألمان والمولداف والصينيين وغيرهم.
إن سياسات ستالين القاسية وقمعه لخصومه أودت بحياة الملايين من المواطنين السوفييت، وقد ثّقت السجلات الرسمية السوفيتية حوالي 800 ألف حالة إعدام في الفترة بين 1921 إلى العام 1953م، و1.7 وفاة في معتقلات سيبيريا "غولاغ"، وحوالي 400 ألف خلال حملات إعادة التوطين القسرية.
كان أحد تبريرات القمع الجماعي والتطهير العرقي وعمليات الترحيل والمجاعات التي أودت بحياة الملايين تارة هي القضاء على أي احتمال لنشوء "طابور خامس" في حال حدوث حرب، وتارة فرض التمدن ومكافحة الرجعية والرجعيين.
وعلى الرغم من أن ستالين أصدر مرسوما بداية عام 1939م يعلن فيه حظر التعذيب داخل السجون إلا في حالات استثنائية، إلا أن التعذيب استمر بل وظهرت معسكرات الإعتقال والعمل القسري.
وقد قدّر المؤرخون عدد ضحايا الحقبة الستالينية ما بين 3 إلى 9 مليون نسمة، وإذا أضفنا لهم ضحايا المجاعات فإن العدد قد يصل إلى قرابة ال 50 مليونا شخص.
الجرائم ارتكبها الجيش السوفيتي والمفوضية الشعبية للشؤون الداخلية المسماة "إن كا في دي" تمثلت في عمليات إعدام بعد محاكمات قصيرة وقتل جماعي لأسرى الحرب واغتصاب جماعي وسرقات للممتلكات واضطهاد ديني، وفرض اللغة الروسية، ونشر الرعب في مناطق الإتحاد السوفيتي والمناطق التي احتلها في الدول المجاورة. ومن جرائم النظام الستاليني:
قضية "توخاتشيفسكفا"
من أولى المحاكمات العسكرية الشيوعية ما سُمي قضية " المنظمة الترويسكية العسكرية المناهضة للسوفييت" بين عامي 1937- 1939م، والتي راح ضحيتها أكثر من 25 ألف عسكري سوفيتي من مختلف الرتب بين الطرد والإعتقال والإعدام بتهم الخيانة والعمالة والشك في الولاء.
مذبحة غابة كاتينسكا
عملية إعدام جماعي لآلاف البولنديين في مارس من عام 1940م نفذتها الشرطة السوفيتية السرية بموافقة ستالين إذ قتل 22 ألف شخص بينهم ثمانية الآلاف ضابط من أسرى الحرب، إضافة إلى 6 الآلاف شرطي، وعشرات المثقفين ورجال الدين وملاك الأراضي والمصانع، تمّت هذه العملية في ثلاثة أماكن: غابة كاتين، وسجني تفير وخاركيف.
جريمة تهجير شعب تتار القرم
قام الجيش السوفيتي في مايو من عام 1944م بتهجير كامل سكان شبه جزيرة القرم من تتار القرم وبعض الشعوب من الأرمن واليونان والألمان إلى آسيا الوسطى وحوض الفولغا وجبال الأورال، وذلك بتهمة مساندة الجيش الألماني النازي عندما احتل القرم بين عامي 1941-1944م، وقد هُجّر على أثر هذه العملية أكثر من 200 ألف مسلم جلّهم من الشيوخ والأطفال والنساء في حين كان كثير من الشباب القرمي يخدم في الجيش الأحمر، وخلال السنة الأولى من التهجير مات حوالي 40% منهم بسبب البرد والمرض والجوع.
جريمة تهجير شعب الشيشان
في فبراير من عام 1943م حيث تم تهجير حوالي نصف مليون نسمة من شعبي الشيشان والإنغوش في القوقاز إلى كازاخستان وقرغيزيا بتهمة تعاونهم مع النازيين، هلك أكثر من ربعهم بسبب الظروف القاسية في الطريق والمنفى.
جريمة تهجير أتراك المسخيت
في العهد الشيوعي الستاليني تم تهجير حوالي 120 ألف تركي من أتراك منطقة مسخيت أو أتراك أهسكا في جورجيا قسريا وبدون سبب بالقطارات في تشرين الثاني لعام 1944م إلى مناطق في أوزبكستان، وكازاخستان، وقيرغيزيا، وخلال رحلة التهجير القاسية هذه بعربات نقل الحيوانات توفي قرابة الثلث منهم بسبب البرد والمرض.
جريمة تهجير الأكراد
تم تهجير الشعب الكردي على مراحل من مناطق في أذربيجان وأرمينيا وجورجيا في أعوام: 1937، 1939 وعام 1944م إلى مناطق في كازاخستان.
المجاعة الجماعية في أوكرانيا "هولودومور" بين عامي 1932-1933م
فرضت السلطات الشيوعية عام 1929م على الفلاحين في مناطق أوكرانيا إجراءات تعسفية قاسية لتطبيق سياسة المزارع الجماعية، إذ أُجبروا على التخلي عن مزارعهم الفردية وتسليم ممتلكاتهم ومواشيهم للحكومة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، وخلّف هذا وفاة ما بين 5 و 7 ملايين أوكراني خلال الفترة 1932-1933م، وبعض المؤرخين يذهب إلى أن ضحايا المجاعة الكبرى في الإتحاد السوفييتي وصل إلى 10 مليون.
وتعد سياسة التجويع في أوكرانيا جريمة قتل جماعي مخطط لها على مستوى الدولة جرت برعاية ستالين، وهي واحدة من بين الفظائع الأكثر بشاعة في القرن الماضي، وإحدى الفصول الأكثر مأساوية في تاريخ أوكرانيا المعاصر، وقد أدّت هذه المجاعة الرهيبة إلى تناقص في عدد سكان أوكرانيا وصل إلى الخمس.
اليوم ورغم أن أكثر من ثلثي الروس يعتبرون أعمال القمع في عهد ستالين جريمة لا يمكن تبريرها، فإن الحكومة الروسية ترفض الإعتراف بجرائم الحرب التي ارتكبها الجيش السوفيتي، بل ويرفض الرئيس بوتين المساس بسمعة ستالين معتبرا أن فتح ملفاته هدفه تقويض قوة روسيا.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022