د. أمين القاسم - باحث في تاريخ المنطقة
مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين قادت المساجد والمدارس الشرعية الحركة الثقافية والسياسية في عاصمة مقاطعة (ثم جمهورية) بشكيريا.
وسنتحدث في هذا المقال عن إحدى هذه المؤسسات العلمية التعليمية لدى المسلمين في القيصرية الروسية.
المدرسة العثمانية تأسست عام 1887م في مدينة أوفا، تسميتها "عثمانية" تعود إلى مؤسسها الحاج القاضي خير الله عثمانوف (1846-1907م)، خريج مدرسة بخارى الشرعية وإمام المسجد الجامع الأول في أوفا، وصاحب عدة مؤلفات مدرسية.
بنيت المدرسة العثمانية بجوار المسجد الجامع الأول في مدينة أوفا ، وتُعد ثاني مدرسة شرعية للأطفال في أوفا بعد المدرسة المجاورة للمسجد الجامع الثاني والتي بناها المُلا ظريف في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي.
وبدعم من المحسنين التتار الإخوة حسينوف: أحمد (1837-1906)، ومحمود (1839-1910)، وغني (1840-1902م) افتتح خير الله عثمانوف مدرسة أخرى للبنات عام 1895م، وفي هذا الوقت وصل عدد الطلبة في المدرستين إلى 400 طالب وطالبة، وتبع المدرسة عدة مبان.
وقد درّس في المدرسة عدد من العلماء والأدباء والمثقفين التتار، وتضمن المنهاج الدراسي إضافة للعلوم الشرعية اللغتين الروسية والعربية والرياضيات والجغرافيا والعلوم الطبيعية. كما قامت المدرسة بعمل برنامج لتدريب وتأهيل معلمين للتدريس.
كانت تُعد ثاني أشهر مدرسة شرعية في أوفا بشكيريا، بعد مدرسة "عالية" (1906-1919م)، وأشرفت عليها الإدارة الدينية لمسلمي أورينبورغ.
حمل خريجو المدرسة صفة أئمة وخطباء ومدرسين في المدارس العامة، وأصبح عدد منهم نشطاء اجتماعيين وسياسيين في الحياة العامة، وقد أصدر طلاب ومدرسي المدرسة مجلة أدبية سياسية حملت اسم "اتفاق".
الدراسة في "المدرسة العثمانية" كانت تبدأ من عمر حوالي 12 سنة، وانقسم الطلاب إلى 3 مستويات: الإبتدائية (سنتان)، والرشدية (سنتان)، والإعدادية (ثلاث سنوات).
وبدعم من محسنين تتار انتقل مبنى المدرسة العثمانية الرئيسي في العام 1906م إلى مبنى جديد من طابقين. أُغلقت المدرسة عام 1918م، وتحولت إلى مدرسة تترية وطنية، وكان غالبية الدارسين فيها من الأطفال الأيتام ثم في العام 1922م تحولت إلى مدرسة سوفيتية عامة، ثم ضمّ المبنى في الثمانينيات كلية تابعة للمعهد التربوي البشكيري الحكومي، وهو الآن مدرسة متوسطة حكومية.
في عام 1944م أصدرت وزارة التعليم السوفيتية قرارا بالاعتراف بشهادات المدارس الشرعية الصادرة في روسيا القيصرية، ومعادلتها بشهادة الثانوية العامة.
تضم ساحة المدرسة اليوم تمثال للأديب والسياسي التتري أحمد زكي وليدي طوقان نُصب عام 2005م، وقد ألقى دروسا بمادة التاريخ بين عامي 1915-1916م في المدرسة.
لقد أدّت المدرسة دورا هاما في الحياة الثقافية والسياسية في جمهورية بشكيريا خصوصا وفي روسيا عموما.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
أوكرانيا برس
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022