بوتين، "العميل السابق" للمخابرات الروسية "كي جي بي" (KGB) يأبى الخروج من عزلته، وما يزال يرى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" (CIA) تتربص به الدوائر في كل مكان، وأنها وراء كل معارض له.
رئيس مدى الحياة
بوتين سياسي يحرص على ضمان التأكد من فوزه بالانتخابات الروسية في عام 2024 (أو تزويرها) ليصبح "رئيسا مدى الحياة"، فالأمر بالنسبة له "إما أن يحكم أو يموت".
بوتين هو من اختلق أزمة أوكرانيا. وإذا قرر الرئيس الروسي "قضم" جزء آخر من أوكرانيا (بعد ضمه شبه جزيرة القرم)، لأنه يفكر في تعزيز فرص بقائه في سدة الحكم بروسيا؛ فذلك أمر عنده بالغ الأهمية.
بوتين توصل إلى أنه إذا أراد أن يصبح رئيسا مدى الحياة، فعليه أن يكون رئيسا للحروب مدى الحياة.
هوس بعودة الاتحاد السوفييتي
توق بوتين للسلطة، وما أسبغت عليه هو وأبناء جيله الروس من مجد وكرامة، جعلتهم مهووسين بعودة الاتحاد السوفياتي.
لم يكن الرئيس الروسي يبالغ حينما أعلن عام 2005 أن تفكك الاتحاد السوفييتي كان "أكبر كارثة جيوسياسية" في القرن العشرين.
ولأن أوكرانيا لعبت منذ أمد بعيد دورا رئيسيا في التاريخ الروسي، وكانت "درعا حصينا وسلة غذاء" للاتحاد السوفييتي في أوج مجده الغابر، ولربما بسبب أن 8 ملايين روسي (من إجمالي 43 مليونا) ما زالوا يقيمون في أوكرانيا؛ يزعم بوتين أن من واجبه إعادة توحيد روسيا وأوكرانيا.
استعجال بتهديد أوكرانيا
أما السبب الذي يجعل بوتين في عجلة من أمره لتهديد أوكرانيا بالغزو، فيكمن في أنه يدرك أن عملية "الأكرنة" (Ukrainization) تحت حكم الرئيس الحالي، فولوديمير زيلينسكي، تسارعت خطاها، فاستبعدت اللغة الروسية من المناهج الدراسية، وطُرد التلفزيون الروسي من المجال الإعلامي الأوكراني.
ثم إلى جانب تلك الأسباب، هناك دوافع جيوسياسية صرفة؛ فالرئيس بوتين، باختلاقه أزمة حول أوكرانيا، إنما يدعو الغرب إلى تشييع النظام القائم بعد الحرب الباردة إلى مثواه الأخير.
يستبد ببوتين اعتقاد بأن النظام العالمي القائم بعد الحرب الباردة قد فُرض على روسيا والرئيس الراحل يلتسين عندما كانت روسيا ضعيفة، وهو نظام لم ينطو فقط على توغل حلف الناتو في دول شرق أوروبا التي كانت جزءًا من حلف وارسو في يوم من الأيام، بل بتمدد نفوذ الناتو كذلك في الإمبراطورية السوفياتية نفسها، في مناطق مثل أوكرانيا وجورجيا.
بوتين يسعى لنظام جديد
وبحشده قوات بالقرب من أوكرانيا، فإن لسان حال بوتين يقول للغرب: "إما أن نتفاوض بشأن نظام جديد لحقبة ما بعد الحرب الباردة، أو أنني سأشرع في مواجهة ما بعد تلك الحقبة".
آخر ما يتمناه بوتين أن يرى أوكرانيا مزدهرة وتلتحق بعضوية الاتحاد الأوروبي، ويتطور شعبها واقتصادها بعيدا عن روسيا "الاستبدادية ضعيفة الأداء".
كما أنه يريد لأوكرانيا أن تفشل، وللاتحاد الأوروبي أن يتصدع، وأن يكون شخص، كدونالد ترامب، رئيسا للولايات المتحدة مدى الحياة، حتى يعيش شعبها في فوضى دائمة.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
نيويورك تايمز - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022