في الأسابيع الأخيرة، أصبح الغرب قلقًا بشكل متزايد بشأن تمركز القوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية. لكن بالنسبة لنا هذا الوضع مألوف تقريبًا.
القوات الروسية على الحدود الأوكرانية الروسية ليست بالطبع أمرًا روتينيًا، لكن وجودها أصبح أمرا معروفا بعد 2014، وتحديدا بعد استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم وبدء الحرب في دونباس، حيث واد حجم القوات الروسية على حدودنا بشكل ملحوظ.
ومع ذلك، فإن عدد القوات الروسية على حدودنا آخذ في الازدياد مرتين في السنة (في الربيع وسبتمبر). ويرجع ذلك إلى المناورات العسكرية الواسعة النطاق التي يجريها الاتحاد الروسي بالقرب من حدودنا.
ما هو الشيء غير المعتاد في الوضع الحالي؟
الآن لا توجد تدريبات عسكرية واسعة النطاق، ولا يزال حجم وجود القوات الروسية كبيرا جدا، مقارنةً بالحجم الذي كان عليه في الربيع الماضي. كما أن بعض القوات والأسلحة التي شاركت في التدريبات العسكرية في بيلاروسيا، ظلت قريبة من الحدود الأوكرانية.
بطبيعة الحال، كل هذا يسبب الحذر والقلق. لذلك، هناك تصريحات حول مخاطر قيام روسيا بعملية عسكرية جديدة ضد أوكرانيا.
من غير المحتمل أن نتحدث عن حرب كبيرة، فالوحدات الحالية من القوات الروسية على الحدود الأوكرانية ليست كافية لهذا الغرض.
من أجل عملية عسكرية كبيرة لروسيا ضد أوكرانيا، هناك حاجة إلى ضعف أو ثلاثة أضعاف القوات المتواجدة هناك حاليا، لكن بالنسبة للعمليات العسكرية المحلية، بما في ذلك في دونباس، أو في أجزاء معينة من الحدود الأوكرانية الروسية، فإن هذه القوات الروسية كافية تماما.
كيف يمكن تفسير تمركز القوات الروسية على حدود أوكرانيا؟
سوف أعبر عن عدة فرضيات محتملة:
حدث شيء مشابه بالفعل هذا الربيع. أدى إلى تكثيف المفاوضات بين القادة الغربيين وبوتين. ونتيجة لذلك، عُقد اجتماع بين رئيسي الولايات المتحدة وروسيا في جنيف.
ماذا الآن؟
ثمة "تجميد مؤقت" في ألمانيا لإطلاق مشروع "نورد ستريم 2" بعد الترخيص له؛ يتم تشكيل ائتلاف حكومي جديد هناك؛ كما تستعد فرنسا لإجراء الانتخابات الرئاسية في الربيع المقبل.
لكن في الوقت نفسه، لا تريد ألمانيا وفرنسا تقديم تنازلات للكرملين في مفاوضات دونباس بـ"صيغة نورماندي"، وأصبح هذا معروفًا من المراسلات الدبلوماسية التي كشفت عنها وزارة الخارجية الروسية.
ربما، في ظل هذه الظروف، قرر الكرملين ممارسة ضغوط متزايدة على القادة الغربيين. وهذا الضغط يمارس في عدة اتجاهات دفعة واحدة:
كل هذا يمكن أن يسمى محاولة لإجبار الغرب (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) على التفاوض مع روسيا و"السلام" بشروط روسية، الذي يجب أن يتضمن تصديقا سريعًا لـ Nord Stream 2 ، ورفع، أو الحد من العقوبات المفروضة على لوكاشينكو، وإجبار أوكرانيا (والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا)، على إجراء مفاوضات مباشرة مع الانفصاليين، وتنفيذ اتفاقيات مينسك بشروط روسية.
ما تفعله روسيا يمكن أن يسمى أيضا "هجومًا نفسيا" على الغرب. في السابق، وإن لم يكن دائما، كان لبعض هذه الهجمات تأثيرات محدودة، أجبرت القادة الغربيين على التحدث مع بوتين.
ولكن هناك أيضًا تعريف آخر للإجراءات الحالية لروسيا - هذا شكل جديد من أشكال الحرب الهجينة لروسيا، وهذه المرة ضد دول الاتحاد الأوروبي منفردة.
تفسير آخر لتركز القوات الروسية على حدودنا هو التحضير للتدخل المحتمل في الشؤون الداخلية لأوكرانيا (كما في 2014).
وفقًا لمصادر مختلفة، تأمل موسكو بشدة أن تتمكن من إثارة أزمة طاقة حادة في أوكرانيا هذا الشتاء، ما سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي. وبعد ذلك يمكن لموسكو إثارة موجة جديدة من أعمال الشغب الانفصالية في المناطق الناطقة بالروسية في أوكرانيا (من خاركوف إلى أوديسا).
وقد تكون هناك حاجة للقوات الروسية "لحماية الناطقين بالروسية"، ولاحتلال أراضي جديدة في أوكرانيا، من أجل تقسيم أوكرانيا، وهذه المسألة يتحدث عنها بشكل مباشر العديد من الخبراء السياسيين والاستراتيجيين السياسيين الموالين للكرملين في روسيا.
حتى لو كان هذا تهديدا محتملا، فيجب عن أوكرانيا أن تأخذه في الاعتبار، وأن تستعد لمواجهة مثل هذا السيناريو.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
أوكرانيا برس - وسائل التواصل الاجتماعي
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022