منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في تسعينات القرن الماضي، شهدت العلاقات الروسية الغربية تذبذباً ملحوظاً، على خلفية العديد من الأزمات، وتعد أبرزها قضية سعي أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، وهي الخطوة التي يتوقعها العديد من المراقبين.
هددت موسكو باتخاذ ردود قوية ضدها، في مشهد قد يكون أقرب لحرب باردة جديدة، بين روسيا والغرب، تعيد للأذهان أزمة الصواريخ الكوبية في الستينات، وشبح الحرب النووية.
أزمة قديمة
قضية انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، ليست بالجديدة، وتعود إلى القرن الماضي، حيث ذكر الحلف على موقعه الرسمي، في 27 أغسطس الماضي، أن العلاقات بين الناتو وأوكرانيا تعود إلى أوائل التسعينات، لكن منذ عام 2014 حين ضمت روسيا شبه جزيرة القرم التي كانت تابعة لأوكرانيا، تم تكثيف التعاون بين الحلف وأوكرانيا.
وفي ظل النزاع الروسي مع أوكرانيا، عزز الناتو وجوده في البحر الأسود وعزز التعاون البحري مع كل من أوكرانيا وجورجيا، بينما سارعت أوكرانيا من خطى سعيها للانضمام للناتو.
ففي يونيو 2017 اعتمد البرلمان الأوكراني تشريعاً يحدد العضوية في الناتو، كهدف استراتيجي للسياسة الخارجية والأمنية، وفي عام 2019 دخل تعديل مماثل لدستور أوكرانيا حيز التنفيذ.
أما في سبتمبر 2020، فقد وافق رئيس أوكرانيا فلاديمير زيلينسكي على استراتيجية الأمن القومي الجديدة لأوكرانيا، والتي تنص على تطوير شراكة مميزة مع الناتو بهدف العضوية في الناتو، كما زار الرئيس الأوكراني شهر سبتمبر الماضي الولايات المتحدة، وقال إن نظيره الأمريكي جو بايدن يدعم انضمام أوكرانيا إلى الناتو.
صراع شرق أوكرانيا
ومما يزيد التوتر بين روسيا وأوكرانيا، الصراع في منطقة دونباس في شرقي أوكرانيا، حيث حذر ديمتري كوزاك، المسؤول في الرئاسة الروسية من أن موسكو قد تتدخل لمساعدة سكان تلك المنطقة دونباس، الناطقين باللغة الروسية، إذا شنت أوكرانيا هجوماً شاملاً على الانفصاليين هناك.
ويشتبك متمردون انفصاليون، تدعمهم روسيا، مع قوات أوكرانية في منطقة دونباس، بينما تشير بعض الأنباء إلى أن روسيا تحشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا، والتي تسعى للحصول على أسلحة من الغرب، كما كان دخول تركيا على تصدير بعض الأسلحة لأوكرانيا (طائرات مسيرة) بمثابة إشعال للخلافات الروسية التركية.
تهديدات موسكو
كما ترى روسيا أن انضمام أوكرانيا للناتو يعتبر «خطاً أحمر»، كما قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في يونيو المنصرم «نتابع هذا الأمر عن كثب شديد.. وهو حقاً خط أحمر بالنسبة لنا».
ويكمن السر وراء ذلك، أن عضوية أوكرانيا في الناتو، ستجعل مقاتلات وصواريخ الحلف على أعتاب أبواب روسيا المجاورة لأوكرانيا، ما يهدد روسيا بشكل كبير، حيث قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «زمن التحليق في هذه الحالة سيتقلص إلى 7-10 دقائق»، في إشارة إلى مدى قرب مقاتلات الناتو من الأراضي الروسية.
ولهذا فإن نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو قال في 21 أكتوبر الجاري، في مقابلة مع موقع «سبوتنيك» الروسي، إن انضمام أوكرانيا للناتو، ستكون خطوة خطيرة للغاية، وسترغم موسكو على الرد، وإن موسكو حذرت الحلف من العواقب المحتملة لهذه الخطوة.
توقعات الرد الروسي
لكن ماذا يمكن أن يكون رد روسيا؟ سؤال أجاب عنه الخبير العسكري الروسي كيريل روساكوف، موضحاً أن هناك 5 خطوات يمكن لموسكو القيام بها؛ أولها إنشاء روسيا لقاعدة عسكرية في كوبا لتكون تهديداً مباشراً لأمريكا، في مشهد يعيد للأذهان أزمة نشر صواريخ للاتحاد السوفييتي كوبا، في أوائل الستينات من القرن الماضي، والتي كادت أن تشعل حرباً نووية بينهما.
أما خطوة الرد الثانية فهي نشر مواقع عسكرية روسية في فنزويلا؛ وثالثاً تعاون موسكو بشكل أوثق مع إيران، ورابعاً إعادة العلاقات السياسية والاقتصادية الروسية مع كوريا الشمالية.
أما الخطوة الخامسة فهي الأخطر، حيث قال: «يمكننا الاتفاق مع الصين على تشكيل تحالف عسكري بشكل رسمي»، وربما تكون أخطر الردود، في ظل المخاوف والإجراءات الأمريكية ضد الصين.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
موقع "الرؤية"
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022