لا تزال فصول الصراع بين الجارتين روسيا وأوكرانيا قائمة منذ 2014، عندما احتلت موسكو القرم الأوكراني؛ حيث أن الصراع تجاوز التصادم في الأروقة السياسية والدبلوماسية إلى العسكرية.
كما أن الدولتين على أهبة الاستعداد لخوض غمار أي معركة محتملة قد تنشب بينهما، ويظهر ذلك من خلال الحشود العسكرية الروسية بين الفينة والأخرى بعشرات آلاف الجنود على الحدود الأوكرانية، وإجراء تدريبات عسكرية تُحاكي غزوها إذا تطلب الأمر.
كييف تحشد حلفاءها الغربيين، وتستجلب منهم الأسلحة والدعم الدبلوماسي، وأيضاً تجري مناورات عسكرية، وآخرها التي تنفذها حالياً مع دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي من بينها الولايات المتحدة، في حين لا تزال التوترات متأججة إثر المعارك المشتعلة مع الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد.
الصراع بدأ يتطور بأشكال أخرى؛ حيث أن أوكرانيا تتهم روسيا بالتدخل بشؤونها، وتنفيذ قلاقل في البلاد، وآخرها توجيه أصابع الاتهام لموسكو بمحاول الاغتيال التي نجا منها مساعد الرئيس الأوكراني الأول، سيرهي شيفير.
زعيم رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «خادم الشعب» الحاكم في كييف، دافيد أراخاميا، رأى إمكانية وقوف روسيا وراء محاولة الاغتيال الفاشلة، بينما تعهد الرئيس فلاديمير زيلينسكي بـ«الرد بقوة» على المحاولة، كما أعرب شيفير عن قناعته بأن «هدف العملية يكمن في إخافة أرفع قيادات الدولة»، في حين وضع رئيس الشرطة الوطنية الأوكرانية، إيغور كليمينكو، احتمالية تورط أجهزة استخبارات أجنبية في العملية، في تلميح واضح إلى موسكو.
الصراع ليس ثنائياً كما يبدو، ومحاولات روسيا إخافة جارتها لا يستهدف أوكرانيا فقط، فالمقصود الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، فهذه الدول تدعم كييف إلى أبعد مدى في «وجه التغول الروسي» كما يقال، في وقت تسعى روسيا إلى قطع هذه العلاقة، والتضييق على جارتها، لمنع وصول الغرب إلى مجالها الحيوي ومنطقتها الجيوسياسية.
كما يرفض «الدب» عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي؛ إذ تعد روسيا أي وجود للحلف في أوكرانيا أو البحر الأسود تهديداً لأمنها؛ لذا فإن الغرب يتريث في ضم أوكرانيا للناتو، تجنباً لمواجهة عسكرية محتملة مع روسيا.
وفي المقابل، ضاعف الغرب من الضغط الدبلوماسي على موسكو، لإنهاء «تهديداتها» في المنطقة، لكن هذا الضغط حُدد بأطر لضمان تدفق الغاز الروسي إلى القارة العجوز عبر أوكرانيا.
ومما زاد تخوف روسيا، وما قد يدفعها إلى تحركات مضاعفة، هي تصريحات الجنرال الأوكراني فلاديسلاف كلوتشكوف خلال تدريبات؛ حيث قال: إن العسكريين الأوكرانيين الذين يحتوون منذ ثمانية أعوام الهجوم الروسي، سيتشاركون مع زملائهم الدوليين خبرتهم الفريدة المكتسبة من المعارك في دونباس، (المنطقة الواقعة في الشرق).
الصراع سيبقى محتدماً ما بين شد وجذب، وسيكون مسار العلاقات بين الدولتين مرهوناً بمدى تقارب الغرب مع موسكو، فإذا كانت ثمة نية لتخفيف حدة التوترات، فإن ذلك سينعكس على المنطقة، وإذا كان العكس فإن الأمور ستبقى تتأجج، وعندها قد تخرج الأمور عن السيطرة إلى تصادم عسكري الكل فيه خاسر.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
صحيفة "الخليج"
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022