تفاصيل "عملية أوكرانية" للإيقاع بـ"مجرمي حرب روس"

نسخة للطباعة2021.09.08

كشفت شبكة "سي أن أن" في تقرير حصري لها تفاصيل عملية استخباراتية قام بها عملاء أوكرانيون للإيقاع بمجرمي حرب روس، بعضهم "على صلة" بإسقاط طائرة الركاب الماليزية، عام 2014، لكن هذه العملية المثيرة للجدل "أخطأت" كما قال مصدر أميركي.

ويشير تقرير الشبكة إلى أن الاستخبارات الأوكرانية قامت باستدراج 33 شخصا من روسيا ممن تشتبه بارتكابهم جرائم حرب وحاولت إدخالهم البلاد، إلا أن بعض التحديات أعاقت وصولهم وتقديمهم للعدالة. 

الوقوع في الفخ

الهدف من العملية الأوكرانية كان إخراج مجرمي الحرب المشتبه بهم من روسيا لمحاكمتهم على الفظائع التي ارتكبت في شرق أوكرانيا، حيث يقاتل الانفصاليون الذين تدعمهم موسكو منذ سنوات، وفقا لما ذكره ثلاثة مسؤولين سابقين في الاستخبارات العسكرية الأوكرانية للشبكة الأميركية.

وتظاهر العملاء الأوكرانيون أنهم يتبعون شركة عسكرية روسية خاصة، تجند أفرادا في وظائف أمنية بمرتبات عالية، وعرضوا راتبا مغريا هو 5000 دولار شهريا مقابل حماية منشآت النفط الفنزويلية، وقد وقع الروس بالفعل في هذا الفخ، إذ تقدم المئات لشغل هذه الوظائف الوهمية، ما منح الاستخبارات الأوكرانية "فرصة غير مسبوقة للبدء في تحديد المتهمين بارتكاب جرائم حرب".

وقال أحد ضباط الاستخبارات العسكرية الأوكرانية السابقين: "كنا نقول للمتقدم: مرحبا يا رجل!، حسنا، أخبرني شيئا عن نفسك. ربما لست مقاتلا حقا، ربما أنت سباك أو شيء من هذا القبيل" وهي الحيلة التي كانت تدفعهم للحديث عن أنفسهم، وقاموا بالفعل بإثبات خلفياتهم القتالية، وأرسل البعض وثائق وبطاقات هوية عسكرية، وإثباتات تؤكد الأماكن والمعارك التي شاركوا فيها، وحتى الصور ومقاطع الفيديو التي يُحتمل أن تدينهم.

ويشير التقرير إلى أن بعضهم ربطوا أنفسهم برحلة الخطوط الجوية الماليزية، التي خلصت التحقيقات أنه تم إسقاطها بصاروخ، في يوليو 2014، فوق الأراضي الأوكرانية بمنطقة يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا. 

وقال مصدر سابق بالاستخبارات العسكرية الأوكرانية للشبكة إن اثنين من المتقدمين كانا موجودين عندما تم إطلاق الصاروخ، وكان أربعة آخرون أعضاء في مجموعة أخرى أسقطت طائرة عسكرية أوكرانية ومقتل 70 عسكريا كانوا على متنها.

في النهاية، تم اختيار 28 شخصا من المتقدمين يشتبه في أنهم على صلة بأعمال غير قانونية في أوكرانيا، وخمسة آخرين لم يتورطوا في جرائم لمنع إثارة الشكوك.

وقيل للروس إنهم سيسافرون جوا إلى تركيا ثم إلى كاراكاس، وكانت الخطة الحقيقية نقلهم إلى أوكرانيا حيث يمكن اعتقالهم، لكن بسبب جائحة كورونا، أغلقت روسيا حدودها باستثناء الحدود مع حليفتها بيلاروسيا، فتم الاتفاق على نقلهم برا إلى مينسك بالحافلة، حيث اعتقدوا أنهم سيغادرون قريبا إلى فنزويلا.

وهناك تم إخبارهم أن الأمر سيستغرق بضعة أيام للسفر إلى الخارج، وأثناء ذلك نقلوا إلى منتجع صحي سري يعود إلى الحقبة السوفيتية، يقع على بعد 15 دقيقة خارج العاصمة البيلاروسية.

ولكن مع طول الانتظار وصلت بلغ نبأ وجود مرتزقة روس السلطات البيلاروسية، لتشن حملة اعتقالات نشرها التلفزيون الرسمي البيلاروسي.

ويشير تقرير الشبكة إلى أن بيلاروسيا ألقت القبض على المرتزقة ظنا منها البداية أنهم كانوا مكلفين بأوامر من موسكو للتدخل في انتخابات البلاد التي كانت ستقام بعد نحو أسبوعين.

وأعلنت السلطات بعد الاعتقالات أن الرجال يعملون لصالح مجموعة "فاغنر" التي يملكها رجل أعمال مقرب من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وتشغل مرتزقة في دول أخرى مثل ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وسوريا.

"فشل" العملية

وقال مستشار رئاسي سابق في بيلاروسيا إن السلطات اعتقدت في البداية أن المجموعة قد أرسلها الروس لزعزعة استقرار البلاد قبل الانتخابات المقبلة.

وبعد أيام فقط من الاعتقالات، دعا الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، نظيره البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، إلى "نقل جميع المشتبه بهم في أنشطة إرهابية على أراضي أوكرانيا إلينا لمحاكمتهم وفقا للوثائق القانونية الدولية الحالية".

لكن لوكاشينكو رفض الطلب، وبعد أسبوع، أعلنت روسيا عودة 32 روسيا تم اعتقالهم، أما الشخص الـ33 فقد بقي في بيلاروسيا.

ونفى الرئيس الأوكراني علنا وجود عملية أوكرانية، وقال، في يونيو 2021، إن بلاده "انجرفت إلى" القضية، لكن وفقا لمصادر أوكرانية تحدثت لشبكة "سي أن أن"، كان "الفشل بمثابة ضربة خطيرة للاستخبارات الأوكرانية التي قالت إنها عملت على اعتقال المشتبه بهم الروس لما يقرب من 18 شهرا".

وقال أحد المصادر: "لو انتهى الأمر بهؤلاء الأشخاص هنا في أوكرانيا، لكانت تفاصيل أعمالهم الإجرامية معروفة في جميع أنحاء العالم".

نفي أميركي

وقال مصدر في الاستخبارات العسكرية الأوكرانية للشبكة إن "تحديد ومعاقبة هؤلاء الأشخاص موضع اهتمام كبير بالنسبة لنا"، ورغم أن التقرير أشار إلى أن العملية كان موضع اهتمام للاستخبارات الأميركية أيضا، إلا أن "المسؤولين الأميركيين ينفون أن يكون لهم دور مباشر"، وفق "سي أن أن".

وقال مسؤول أميركي كبير للشبكة إن مزاعم التي خرجت حول تقديم الدعم للعملية "كاذبة"، وأشار إلى أن الاستخبارات الأميركية "كانت على علم" لكنه نفى أي مشاركة لها، ورجح أن يكون الترويج لهذه الادعاءات محاولة "لتمرير اللوم على العملية عالية الخطورة التي أخطأت".

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

الحرة

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022