بعد عامين على شراء أوكرانيا أول دفعة من طائرات بيرقدار المسيّرة التركية، وقّعت كييف مع أنقرة على صفقة جديدة لشراء مزيد من المسيّرات التركية، بالتزامن مع التوقيع على اتفاقيات لتعزيز التعاون مع مجال التصنيع العسكري وتطوير الصناعات الدفاعية، بما يتضمن بدرجة أساسية المسيّرات والسفن العسكرية، في تقارب "استراتيجي" يحمل "رسائل مبطنة" إلى روسيا، التي تنظر بعين الريبة لهذه التطورات.
في عام 2018 اشترت أوكرانيا من تركيا عددا من طائرات بيرقدار المسيّرة تركية الصنع، وأطلق كبار المسؤولين الأوكرانيين تصريحات تتغنى بالإمكانيات التي تتمتع بها تلك الطائرات، لا سيما الأداء المتقدم الذي أظهرته في المعارك الأخيرة التي استخدمت وخاصة في سوريا وليبيا، ومؤخراً في قره باغ.
الأداء المتقدم للمسيّرات التركية ظهر بأقوى صوره من خلال التفوق على الأنظمة الدفاعية الروسية، حيث نجحت في تدمير عدد كبير جداً من الأنظمة الدفاعية الروسية من طراز بانتسير وغيرها في إدلب، قبل أن تدمر عددا أكبر منها في ليبيا، وأخيراً تدمير أنظمة دفاعية روسية أخرى أكثر تقدماً ومنها نظام إس 300 الدفاعي في المعارك الأخيرة بإقليم قره باغ الأذربيجاني.
هذا التفوق الجديد للمسيّرات التركية على الأسلحة الروسية دفع أوكرانيا، قبل أيام، للتوقيع على اتفاق جديد لشراء مجموعة أكبر من المسيرات من طراز “بيرقدار” إلى جانب التوصل إلى اتفاق مع تركيا على الإنتاج المشترك وتبادل الخبرات لصناعة المسيّرات وسفن عسكرية خلال المرحلة المقبلة.
هذه الخطوة إلى جانب أهميتها الاستراتيجية لتعزيز التعاون الصناعي والدفاعي بين البلدين، بدت وكأنها "رسالة مبطنة" إلى روسيا وذلك في ظل التأكيد التركي الدائم على دعم وحدة الأراضي الأوكرانية ورفض ضم روسيا للقرم ودعمها لجماعات انفصالية شرق أوكرانيا، والخشية الروسية من نية أوكرانيا القيام بعمل عسكري لاستعادة المناطق الانفصالية شرقي البلاد.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب التركي “طه داغلي” في مقال له بموقع "خبر 7" إن أوكرانيا التي شاهدت نجاعة المسيرات التركية ضد الأسلحة الروسية في سوريا وليبيا وقره باغ، وخاصة الأنظمة الدفاعية، فإنها تخطط لاستخدام تلك المسيّرات في استعادة أراضيها في ظل استعدادها للقيام بعمل عسكري لاستعادة منطقة "دونباس"، وهو الأمر الذي حذر منه عدد من الكتاب الروس أيضاً خلال الأيام الماضية.
ولا يتوقف التعاون التركي الأوكراني عند هذا الحد، خاصة وأن أنقرة قد تسلمت بالفعل وبدون ضجة إعلامية منظومات دفاعية متقدمة من أوكرانيا قبل أشهر، وذلك عندما كانت بحاجة ماسة لها عقب التطورات في إدلب بداية العام الحالي وفي ليبيا بعد ذلك، وهي كانت بمثابة محاولة تركية للتصدي للغطاء الجوي الروسي الذي وفّرته موسكو بأشكال مختلفة للنظام السوري في إدلب، ومليشيات حفتر ومرتزقة فاغنر في ليبيا، أي أن أوكرانيا دعمت تركيا أيضاً بأسلحة استخدمتها أنقرة في معارك مباشرة وغير مباشرة مع روسيا.
كما أن البلدين يعملان بالفعل على قرابة 50 مشروعا يتعلق بالصناعات الدفاعية، حيث انتقل التعاون إلى مراحل التبادل المعلوماتي والتكنولوجي والإنتاج المشترك في مشاريع كبرى تتعلق بالمسيرات والسفن العسكرية إضافة إلى محركات الطائرات والصواريخ ومشروع آخر لصناعة طائرة نقل عسكرية إلى جانب أنظمة الصواريخ والأنظمة الدفاعية.
يضاف إلى ذلك أن التعاون في مجال التصنيع العسكري بين تركيا وأوكرانيا قد يزيد من قوة البلدين ونفوذهما الإقليمي وقدرتهما على توفير احتياجاتهما الدفاعية بإمكانياتهما الثنائية، بعيداً عن الحاجة للأسلحة الروسية والأمريكية، وهو ما يعزز من مكانة ونفوذ قوتين مطلتين على البحر الأسود، وهو أمر لا يروق لروسيا التي تحاول الحفاظ على تفوقها في البحر الأسود.
وخلال السنوات الأخيرة، جرت سلسلة طويلة من الزيارات بين البلدين سواء على مستوى الرؤساء أو وزراء الدفاع والخارجية، لكن الزيارات الأخيرة أخذت طابعاً أكثر تخصصاً، وتركزت على زيارة الوفود العسكرية ورؤساء الهيئات المتخصصة بالصناعات الدفاعية، وآخرها زيارة إسماعيل ديمير رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية والوفد العسكري بالتزامن مع زيارة وزيري الدفاع والخارجية التركيين إلى كييف.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
القدس العربي
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022