لا غالب ولا مغلوب.. ماذا يحدث في المجموعة الخاصة بتسوية نزاع الشرق الأوكراني؟

نسخة للطباعة2020.10.14
فولوديمير فيسينكو -  خبير ومستشار سياسي

تضاربت في سبتمبر اتجاهات عملية التفاوض بشأن إقليم الدونباس والتوتر السياسي حوله.

من جهة، أدى خرق وقف إطلاق النار في منطقة النزاع في دونباس، الذي حدث بين 6 و7 سبتمبر، إلى دفع موجة جديدة من المفاوضات حول دونباس (اجتماع مساعدي زعماء دول رباعية النورماندي  في برلين في 11 سبتمبر و4 اجتماعات لمجموعة الاتصال الثلاثية،  في حين درجت العادة على عقد اجتماعين فقط). 

ومن جهة أخرى، أعاقت عمليا روسيا مع الانفصاليين التابعين لها عملية التفاوض، مطالبين قطعا بمراجعة قرار البرلمان الأوكراني بشأن الانتخابات المحلية (إلغاء إحدى نقاط هذا القرار، التي تنص على أن الأنتخابات على أراضي دونباس المحتلة يمكن أن تحدث فقط بعد استعادة أوكرانيا السيطرة على الحدود في منطقة النزاع).

كما وتجلت التناقضات أيضا في المناهج المتبعة لعملية التفاوض. حيث ركز الجانب الأوكراني على تنفيذ الأهداف الأساسية لاتفاقيات مينسك، مثل وقف إطلاق النار الدائم والشامل وتبادل الأسرى والمعتقلين وإنهاء الحرب في دونباس. 

كما وسعى الرئيس فولوديمير زيلينسكي ورئيس مكتبه أندري يرماك بإلحاح إلى عقد القمة التالية لقادة دول رباعية النورماندي في برلين. في حين أن الجانب الروسي ركز عبر لعبة تكتيكية بحتة على إجبار المفاوضين الأوكرانيين على تقديم التنازلات من جانب واحد (خصوصا، على مراجعة قرار البرلمان الأوكراني بشأن الانتخابات المحلية)، والسعي تحت الضغط العسكري لإجراء مفاوضات مباشرة بين أوكرانيا والانفصاليين (مفاوضات حول التفتيش المشترك في المنطقة المحيطة ببلدة شومي وتوقيع بروتوكول التفتيش الثنائي مع الانفصاليين).

بالنتيجة، لم تقدم أوكرانيا ولا روسيا أي تنازلات كبيرة في هذه المواجهة. نوقش موضوع تصحيح قرار البرلمان الأوكراني بشأن الانتخابات المحلية على مستوى اللجنة البرلمانية وكتلة "خادم الشعب"، ولكنه صار من الواضح أن حتى محاولة المراجعة هذه يمكن أن تؤدي إلى نزاع سياسي حاد في البرلمان الأوكراني. بالإضافة إلى ذلك، كان هذا سيصبح سابقة خطيرة (اتخاذ القرارات البرلمانية تحت ضغط روسيا) ومن الممكن أن يؤدي إلى تكرار مثل هذه المواقف. 

من الواضح أن مسألة التفاوض حول السيطرة الأوكرانية على الحدود مهمة بشكل أساسي للرئيس زيلينسكي. في 30 سبتمبر، دخل البرلمان الأوكراني الحجر الصحي. لذا، هناك احتمال كبير لأن لا يعاد النظر في قرار البرلمان الأوكراني بشأن الانتخابات المحلية، وبعد 25 تشرين أول/أكتوبر ستفقد هذه المسالة أهميتها.

هناك اتجاه آخر مثير للجدل، متمثل في الفضائح والتوتر السياسي حول أحد أعضاء الوفد الأوكراني المشارك في مجموعة الاتصال الثلاثية السيد فيتولد فوكين، الذي تميز لأول مرة بعد التصريحات المشينة  التي صدرت عنه في نهاية آب/أغسطس. 

لكن فيتولد بافلوفيتش صار بعد الانتقادات اللاذعة الموجهة إليه أكثر تحفظا، محاولًا التكيف مع العمل الجماعي للوفد الأوكراني المشارك في مجموعة الاتصال الثلاثية. 

غير أن هذا لم يدم طويلا. في 29 سبتمبر، أي بعد شهر واحد فقط من مقابلته مع صحيفة "سترانا"، التي أثارت الضجة، عاد ف. فوكين من جديد إلى فضفضته وهذه المرة خلال اجتماع اللجنة البرلمانية. 

نجم السخط الأكبر عن تصريحه حول أنه لا يرى حربا بين روسيا وأوكرانيا في دونباس. أدى تصريحه هذا إلى نشوب عاصفة من الانتقادات الموجهة إليه، والتي كانت أكبر بكثير من تلك التي وجهت إليه في نهاية آب/أغسطس. 

صار من الواضح أن فيتولد فوكين دخل في تناقض نهائي مع موقف أوكرانيا من عملية التفاوض حول دونباس والموقف الأوكراني من الصراع في دونباس. 

كان تنوع منتقدي فوكين واسعا جدا، بدء من وزير الداخلية أفاكوف وصولا إلى حزب "غولوس"، ما أدى إلى مطالبة لجنة البرلمان الأوكراني، المعنية بتنظيم سلطة الدولة، الرئيس فولوديمير زيلينسكي بإقالة فيتولد فوكين النائب الأول لرئيس الوفد الأوكراني إلى مجموعة الاتصال الثلاثية، كما وأدان رئيس مكتب رئيس أوكرانيا أ. يرماك بيان ف. فوكين، وظهر من ثم بيان انتقادي باسم مكتب رئيس أوكرانيا. لذا، من الطبيعي تماما أن يطرد ف. فوكين  في 30 أيلول/سبتمبر من الوفد الأوكراني بموجب مرسوم رئاسي.

انتهت أخيرا مشكلة فوكين، ولكن من الضروري استخلاص الاستنتاجات الصحيحة من التجربة الفاشلة لمشاركته في المفاوضات. يبدو أنهم أرادوا من خلال مشاركة ف. فوكين  إظهار بعض المرونة في المفاوضات في إطار مجموعة الاتصال الثلاثية وتنظيم حوار معين مع جزء من المجتمع في الأراضي المحتلة من دونباس. 

لكن فوكين راح بحماس شديد يظهر موقفه الخاص. أظن أنه يجب في المستقبل إشراك الأشخاص المستعدين للإلتزام بالانضباط التفاوضي وليس الميالين بشكل مشكوك فيه  إلى الدعاية لأنفسهم.

في هذا الصدد، تبدو صحيحة المبادرة لتشكيل موقف خاص  لرئيس الوفد الأوكراني في مجموعة الاتصال الثلاثية، الذي سوف يمثل الموقف الرسمي لوفدنا وفق نتائج المحادثات في إطار مجموعة الاتصال الثلاثية.

كان اجتماع مجموعة الاتصال الثلاثية، الذي عقد في 30 سبتمبر، إشكاليا للغاية، وتوقف لأن الجانب الروسي انتهك بشكل صارخ بروتوكول التفاوض من خلال إجراء تسجيل غير مصرح به لمسار المفاوضات. 

يبدو أن وضعية "لا غالب ولا مغلوب" عادت لتسيطر مرة أخرى على المفاوضات.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022