بعد أكثر من ربع قرن على تجميد النزاع في إقليم ناغورنو كاراباخ الذي يقطنه الأرمن في أذربيجان، تظهر مؤشرات أن الوضع يتجه نحو التحول إلى حرب متكاملة بعد انطلاق أعمال قتال واسعة النطاق، مما يضع أرمينيا وأذربيجان على عتبة أكبر مواجهة عسكرية منذ عام 1994.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الجمهوريتان السوفيتيتان السابقتان النفير العام وتبادلتا تصريحات حازمة تؤكد عزمهما اللجوء لسيناريو القوة، تسعى موسكو لأداء دور الوساطة وسط إجراء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ووزير خارجيته، سيرغي لافروف، اتصالات مع طرفي الأزمة.
ويقع إقليم ناغورنو كاراباخ، أو ناغورني قره باغ، غير المعترف باستقلاله من أي بلد عضو في الأمم المتحدة، في منطقة جنوب القوقاز بين أرمينيا وأذربيجان، وتبلغ مساحته 4.4 آلاف كيلومتر مربع، وعدد سكانه نحو 147 ألف نسمة، والأغلبية الساحقة من سكانه أرمن، وعاصمته الإدارية مدينة ستيباناكيرت.
أصبحت هذه الأراضي جزءا من الإمبراطورية الروسية في القرن الـ19 نتيجة للحرب الروسية الفارسية في أعوام 1804 - 1813، ولكن تبعيتها ظلت موضع خلاف بين أرمينيا وأذربيجان لسنوات طويلة إلى أن حسمت القيادة السوفييتية بعد ثورة البلاشفة في عام 1917، المسألة لصالح أذربيجان بحجة "ضرورة السلام القومي بين المسلمين والأرمن".
ويعود تاريخ نزاع ناغورنو كاراباخ الحالي إلى فبراير/ شباط 1988، حين أعلن الإقليم عن انشقاقه عن جمهورية أذربيجان السوفيتية، وهو إجراء رفضته السلطة المركزية في موسكو. وفي سبتمبر/ أيلول من العام ذاته، انطلقت المواجهات بين الارمن و الأذربيجانيين، متحولة تدريجيا إلى نزاع طويل الأمد وحرب عسكرية مفتوحة بين يريفان وباكو استمرت حتى عام 1994.
وبذلك يعد نزاع ناغورنو كاراباخ هو أول مواجهة عسكرية واسعة النطاق وقعت في فضاء الاتحاد السوفييتي السابق بعد تفككه، ولم تقتصر الاشتباكات على الأسلحة النارية، بل شملت أيضا استخداما للأسلحة الثقيلة والمدفعية والطيران.
وبعد عجز الطرفين عن فرض شروطهما للتسوية على الآخر، توقفت أعمال القتال واسعة النطاق في عام 1994، حاصدة خلال سنوات القتال آلاف الأرواح من الجانبين، بالإضافة إلى عشرات آلاف الجرحى.
و ناغورنو كاراباخ ليس الإقليم الوحيد في الجمهوريات السوفييتية السابقة الذي عاش حالة من النزاع المتجمد نتيجة رسم الحدود بينها من دون مراعاة تشكيلتها القومية والإثنية، مما أدى إلى تكوّن جيوب تقطنها أقليات قومية في الدول المستقلة الوليدة جراء تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991.
ومن الأمثلة على أقاليم كهذه ذات أقليات قومية، إقليما أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية اللذان اعترفت موسكو باستقلالهما عن جورجيا في عام 2008، وإقليم ترانسنيستريا في جمهورية مولدوفا، ولعل أشهرها منطقة دونباس الواقعة شرق أوكرانيا والموالية لروسيا والتي لا تزال تعيش حالة حرب منذ عام 2014، متحولة تدريجيا إلى نزاع متجمد أيضا.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
العربي الجديد
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022