الحاج تاغييف.. أشهر مُحسن في روسيا القيصرية

الحاج زين العابدين في بيته بمدينة باكو
نسخة للطباعة2020.09.18

د. أمين القاسم - باحث في تاريخ المنطقة

ثري أذري، وأحد أكبر أغنياء العالم في زمانه، اشتهر بكرمه وأعماله الخيرية. إنه الحاج زين العابدين تاغييف (1838- 1924م).

ولد لأسرة فقيرة، فوالده كان إسكافيا، و في صغره اشتغل زين العابدين كعامل للبناء ، ثم اشتغل في التجارة، ليمتلك لاحقا عدد من حفّارات وحقول النفط في أذربيجان، ثم أسس شركة نفطية ضخمة، وكان في عام 1882 التاجر الأول في البلاد، ثم أصبح مستشارا في الإمبراطورية الروسية.

بنى قصرا كبيرا في باكو هو اليوم "متحف التاريخ الأذري" أكبر متاحف أذربيجان، وبنى سوقا ضخما ومشفى ومسرحا في باكو، ومعملاً للخياطة والنسيج، وأنشأ مصنعا لاستخراج مادة الكيروسين، وامتلك ثلاث بواخر لنقل النفط، وله مصانع في مجال الزراعة وصيد الأسماك، واشترى عدة مطابع، وأصدر عدة جرائد باللغتين الروسية والأذرية.

كان له عدة أعمال إنسانية خيرية في أذربيجان وخارجها في مجالات التعليم ومحاربة الأمية والرعاية الصحية والخدمات العامة وغيرها فمن أعماله: بناء عدة مدارس بينها أول مدرسة لتعليم البنات في القوقاز عام 1900م (وفي سبيل ذلك قد أرسل بأحد الشيوخ لمكة لجلب فتوى من علماء الحجاز تجيز تعليم البنات في المدارس)، وقام بنقل مياه الشرب للعاصمة باكو من جبال القوقاز (مسافة حوالي 200 كم)، وكذلك بنى ورمم مساجد ومقابر في أذربيجان وداغستان واسترخان وبطرسبورغ وغيرها، وافتتح عشرات المدارس لتعليم القرآن الكريم، كما أنفق ملايين الروبلات لتعليم طلبة مسلمين في الجامعات الروسية والأوروبية، وساعد الفقراء والمحتاجين في روسيا وإيران، وقام بتمويل ترجمة معاني القرآن الكريم للغة الأذرية عام 1907م (وقد بعث وفدا خاصا للعراق بهدف الحصول على فتوى تجيز هذا الأمر)، وقد طبع العديد من الكتب على حسابه، وأرسل العشرات من الأشخاص لحج بيت الله الحرام.

تعدت أشكال التبرع والعطاء الإنساني الخيري لدى الحاج زين العابدين، وهو ما جعله مثالا يحتذى به من قبل الأغنياء والمثقفين من القوميات المسلمة وغيرها في روسيا القيصرية في أواخر القرن التاسع عشر وأوئل القرن العشرين.

وتروى عنه قصة أنه وخلال زيارته لبرلين عام 1911 تناول الطعام في أحد المطاعم، ثم قام بدفع فاتورة الحساب عن طاولة في هذا المطعم لمدة مئة عام -بالاتفاق مع إدارة المطعم- وذلك عن كل من يأكل من الأذريين القادمين من القوقاز ، وقد انتهى مفعول الاتفاقية هذه عام 2011م، واستفاد منها آلاف الأذر.

بعد سيطرة الشيوعيين على أذربيجان عام 1920 صادروا جميع أملاكه، وتعرض أولاده وأحفاده للملاحقة والتشريد، وذكر المؤرخون أن من حاكمه هو مجموعة من الشباب ممن دَرَسَهم على حسابه الخاص.

لقد كان للأعمال الخيرية المتنوعة التي قدمها الحاج زين العابدين –رحمه الله- أثرا كبيرا في النهضة الثقافية والفكرية والإقتصادية للشعب الأذري وللشعوب المسلمة في القوقاز في مطلع القرن العشرين، وقد جعلت الناس تروي عن كرمه وإحسانه وفضله قصص وحكايات عديدة

قناة "أوكرانيا برس" على "تيليغرام": https://t.me/Ukr_Press

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022