لعبة موسكو مع لوكاشينكو

نسخة للطباعة2020.09.02

إيهور كليامكين - نائب رئيس صندوق "البعثة الليبرالية"

طوال هذه الأيام، أجد نفسي أفكر، في أنني لا أستطيع ذهنيا أن أجمع بين الاحتجاج البيلاروسي على الديكتاتورية وكل ما فيها وفي الرد التأديبي عليه مع الحفاظ على سلطة لوكاشينكو. 

أدرك أنه لا يمكنه الاحتفاظ بالسلطة إلا بدعم موسكو، وأنه لولا هذا الدعم، لبدأت آلة الدكتاتورية في التداعي حتما. كما وأفهم أيضا أن النظام الروسي الاستبدادي لا يمكنه دعم احتجاج شعبي في بلد مجاور. 

لا يمكنه أن يسمح بتغيير السلطة في أحد أجزاء الدولة الاتحادية تحت ضغط المجتمع ولا بظهور نظام سياسي في بيلاروس مشابه على سبيل المثال لذلك الموجود في ليتوانيا المجاورة.

غير أن هذا الرهان البراغماتي على لوكاشينكو، حتى ولو كان مؤقتا وظرفيا، يبدو عقيما استراتيجيا. 

لقد استبدل التسامح البيلاروسي مع الديكتاتورية الموروثة من الحقبة السوفيتية بعدم التسامح معها، وهذه التحولات لا رجعة فيها تاريخيا. 

فاليوم، عدم التسامح هذا لا يزعزع  موقف البيلاروسيين الميال إلى روسيا،  والرغبة في حسن الجوار والتعاون معها مستمرة بغض النظر عن سياستها الداخلية والخارجية. 

لكن من الصعب تخيل الحفاظ على هذا الموقف بعد إدراك أن معايير روسيا التي لا تطاق في أعين البيلاروسيين والتي لا يسعها ألا تفرضها على دولة تعد جزء من دولة اتحادية معها. ماذا سيحدث  حينها؟

عندها، عاجلا أم آجلا، سيبدأ عدم التسامح مع الديكتاتورية يتبلور في السيناريو الأوكراني المخيف جدا لموسكو، فبيلاروس ليست روسيا، وفيها وعي وطني ذاتي معادي للإمبريالية انتقى الخيار الأوروبي، خصوصا وأنه لا يوجد في بيلاروس عقبات جيوسياسية في هذا الأمر مثل التي في أرمينيا. 

لذا، موسكو الداعمة للوكاشينكو اليوم تلعب ضد نفسها من الناحية الاستراتيجية، حيث أن الاحتجاج البيلاروسي المستمر ضد الدكتاتور، هو موجه  في الواقع، ليس في الكلام فقط ضد دعم موسكو له. وأمر آخر، هل يمكن لروسيا على حالها أن تسمح لنفسها بلعبة أخرى؟؟؟.

قناة "أوكرانيا برس" على "تيليغرام": https://t.me/Ukr_Press

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022