إيهور سيميفولوس - مدير مركز دراسات الشرق الأوسط
تدخل مباشر في الحرب السورية مع بداية عملية التفاوض مع الروس والإيرانيين. أعلنت تركيا عن كل هذا عندما لم يكن لديها إستراتيجية واضحة.
يوجد احتمال للاصطدام المباشر بين تركيا وروسيا؛ غير أن تركيا، في رأيي، ستحاول تجنب ذلك، لأنها لا تهدف إلى هزيمة روسيا أو إدهاش بوتين، بل إلى كسب ميزة استراتيجية أو منع تعرضها لفشل ذريع في سوريا.
أود التركيز في المقام الأول على تجنب الفشل الذريع. تبين أن السياسة التركية مرتبطة إلى حد كبير بسوريا. التدخل المباشر في هذه الحرب واحتلال جزء من الأراضي السورية، وبدء عملية التفاوض مع الروس والإيرانيين، كل هذا أدى بتركيا إلى أن لا يكون لديها إستراتيجية واضحة في هذا الصراع.
المشكلة ليست في إدلب، وإنما في حال هزيمة تركيا وأردوغان والحزب الحاكم، سيقدم لهم فاتورة حساب كبيرة، إذ يجب أن يدفع شخص ما ثمن فشل هذا النهج.
هذا النهج ليس عرضيا، وظهر من تصور أردوغان للعالم والعمليات التي تجري فيه. لذا، من الواضح أن الرئيس التركي يريد تجنب هذا "الصداع". مهمتك الرئيسية عندما تكون في لعبة استراتيجية، هي البقاء فيها، و قد تحقق في المستقبل الفوز. أي يجب أن تظل لديك الخيارات. يجب عليك بطريقة ما أن تأخذ بعين الاعتبار مصالح اللاعبين الآخرين، وأن تبقى أنت نفسك بينهم. وهذا ما يفعله أردوغان.
في إطار اللعبة الإستراتيجية، يحدد رئيس تركيا الدول ليس فقط الموجودة في سوريا، كالولايات المتحدة مثلا، وإنما يعبر بوضوح عن مصالح بلاده؛ في حين أن الأمريكيين لا يتحدثون، فهم موجودون دائما في حالة من عدم اليقين: ساعة يغادرون سوريا، وساعة أخرى يبقون فيها قليلا. أما الإيرانيون والروس، فلديهم مواقف عبروا عنها بوضوح. ضمن هذا الاهتمام، بنى أردوغان سياسته، وسعى لتحقيق نقطتين أساسيتين على الأقل.
الأولى هي عدم السماح لتحرك موجة جديدة من النازحين باتجاه تركيا، حيث ستخلق فيها كما كبيرا من المشكلات المؤثرة على الاقتصاد وارتفاع مستوى الجريمة وما شابه ذلك.
الثانية متعلقة بالأكراد، و كيفية ضمان أمن حدود تركيا الجنوبية بعد أن عزز الأكراد مواقعهم ولم يعودوا الآن مجرد سكان، بل صار لديهم قواتهم المسلحة الخاصة، والخبرة القتالية وما شابه ذلك.
بالطبع، هناك المشاعر المختلفة أيضا، مثل التركمان وأشياء أخرى كثيرة تهيج الروح، و لكن المهمتين الأوليتين هما الأساسيتان. في إطارهما بنى الأتراك استراتيجية للتفاعل مع روسيا، بحيث تبقى إدلب جيبا ومعقل تمركز.
ولكن، هل أدرك أردوغان أن هذا سينتهي عاجلا أم آجلا، وأنه بمجرد القضاء على الجيوب الأخرى سيأتي دور إدلب؟ أعتقد أنه أدرك. ولكن عندما تبدأ المشاركة في هذه اللعبة، يصبح لديك التزامات، ومتى وقعت على اتفاق وعلى آخر، لن يعود بإمكانك بكل بساطة التنحي جانبا، بل يجب أن تلعب وفقا للقواعد ما دامت اللعبة مستمرة.
رأى بشار الأسد الآن أنه وحلفاؤه عززوا أنفسهم إلى درجة أنه أصبح قادرا على شن عملية عسكرية جدية لطرد وحدات المتمردين من إدلب، ولكن من المستحيل تجاهل الأتراك.
أردوغان رفع في تركيا حافة الأهداف إلى مستوى عال للغاية. قيم التركمان والتاريخ النضالي والسكان الفقراء كل هذا جزء من خطابه الذي لا يمكن التخلي عنه ببساطة.
بالطبع، يمكن للرئيس التركي أن ينقل إلى ناخبيه بطريقة أو بأخرى أنه يتفاوض مع بوتين، ولكنه في الواقع يحاول أن يحتال عليه.
أردوغان يبتز أوروبا. لقد فعل هذا دائما. تظاهرت أوروبا بكل بساطة أن كل هذا لا يعنيها، و كأنه يحدث في مكان ما بعيد.
من يدري، قد تكون إستراتيجية اللاجئين ناجحة. لا أدري كيف سيكون رد فعل أوروبا، و لكن الأقل قابلية للتنبؤ، هو رد فعل ترامب.
التصعيد مستمر ولا مفر من ذلك. السؤال الوحيد هو عند أي حد سيتوقفون. عندما نفكر في كل هذا، يجب علينا أن نفهم أن هناك أهداف وأن هناك مصالح وأن هناك موارد. والأخيرة يمكن ألا تكون مادية فقط.
لماذا رجعت تركيا الآن إلى حلف الناتو وتطلب الحصول على استشارات؟. لأن هذه موارد أيضا وفي حال حصلت على دعم الناتو، حتى من خلال الدعم المباشر لأعضائه والحصول على المعلومات الاستخباراتية و صور الاستطلاع الفضائي الحاسوبي المباشر والتنصت على الهواتف والاتصالات اللاسلكية، فهذا مورد عظيم وشامل.
قد تسألون، هل يمكن لحلف الناتو أن يدعم تركيا بعد أن أدخلت نفسها في الصراع؟ ربما، إذا صلّت كثيرا، فحينها من الممكن جدا...
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022