"تعالوا للاستثمار، وأنا أضمن أعمالكم…"، نداء صريح وجهه الرئيس الأوكراني فولوديمير عبر مواقع التواصل إلى المستثمرين الأجانب، مباشرة بعد توليه منصب الرئاسة في مايو الماضي، متعمدا استخدام اللغة الإنجليزية فيه، رغم أنها ضعيفة نوعا ما لديه.
نداء عكس الاهتمام الأوكراني باستقطاب الاستثمارات الأجنبية، التي تجد فيها السلطات طوق نجاة لاقتصاد يأنّ من تبعات الأزمات السياسية والعسكرية المتلاحقة.
ولأن مجال الطاقة المتجددة حديث عهد في أوكرانيا، يبدو أن دولا وشركات عالمية تقصده قبل غيره من مجالات الاستثمار، وهنا تبرز اهتمامات ألمانية وهولندية وبريطانية، بدأت فعلا إنشاء حقول لإنتاج الطاقة في مناطق غرب أوكرانيا، بحجم استثماري يقدر بنحو 100 مليون دولار.
نصيب العرب
اللافت هنا أن أعين العرب تتطلع إلى نصيب من "كعكة الطاقة المتجددة" في أوكرانيا، إن صح التعبير؛ وتسعى إلى دخول هذا المجال باهتمام وتأنًّ معا.
العاصمة كييف شهدت الثلاثاء مؤتمرا دوليا حول "الطرق الفعالة لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة والاستثمار فيها"، نظمته "الرابطة الأوكرانية العربية لرجال الأعمال والمستثمرين".
المهندس محمد الطعاني - الأمين العام للهيئة العربية للطاقة المتجددة "أريك" قال إن الدول العربية رائدة في مجال الاستثمار بالطاقة المتجددة، مشيرا إلى أن حجم هذه الاستثمارات يصل إلى نحو 500 مليون دولار في العالم العربي وحده.
واعتبر الطعاني أن "السوق الأوكراني واعد"، خاصة في ظل توفر خطة حكومية تهدف إلى التحول نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة تقارب الـ30% في 2030، إضافة إلى ظروف "الأسعار والضرائب المخفضة"، التي تشكل عامل "إغراء" للمستثمرين، برأيه.
وفي سياق متصل، تحدث فولوديمير ستافنيوك رئيس مجلس إدارة المؤسسات المالية والائتمانية المبتكرة في وزارة التنمية الاقتصادية والتجارة والزراعة في أوكرانيا، تحدث عن "الأدوات المالية الحكومية لتطوير ودعم الأعمال"، مشيرا إلى حكومة بلاده رصدت 200 مليون دولار لدعم المشاريع المحلية والاستثمارية الأجنبية المرتبطة بمجال الطاقة المتجددة، ومستعدة للمساهمة في بعضها بنسبة 70%، على ألا تتجاوز حجم المساهمة في المشروع الواحد المليون دولار.
لكن الطعاني لم يخف وجود بعض "العقبات"، ذاكرا منها -على سبيل المثال- انخفاض أسعار الكهرباء محليا، وكذلك بعض الصعوبات المرتبطة بالبيروقراطية، كإجراءات القدوم والإقامة وغيرها، قائلا: "تعلمون أن رأس المال جبان، ويفضل أن تكون الأرضية خصبة ومثالية إلى حد كبير".
حاجز الخوف
الصعوبات والتحديات والمخاوف وغيرها، مصطلحات لطالما حضرت في أحاديث المستثمرين ورجال الأعمال، وكانت عنوانا عريضا لعمل المسؤولين الأوكرانيين، خاصة في حربهم على "الفساد".
ومع ذلك، يرى الكثيرون أن هذه المصطلحات تحولت مع الزمن إلى "صورة نمطية خاطئة" لا تعكس الواقع، وهذا ما سعى إليه حثيثا المسؤولون الأوكرانيون الجدد، خلال فعاليات المؤتمر.
أوليكساندر بافلوفسكي - رئيس صندوق الاستثمار في مجال الطاقة، قال: "في شهر أبريل الماضي، اعتمدت أوكرانيا قانون مناقصات جديد، يسمح للمستثمرين بالحصول على تسهيلات وضمانات حكومية طويلة الأمد، وهذا شجع فعلا الكثير من رجال الأعمال والشركات العالمية. أعتقد أن العقبات الرئيسية أزيحت، وحل العقبات الراهنة مسألة وقت" على حد قوله.
محمد سليم العطي رئيس الرابطة الأوكرانية العربية لرجال الأعمال والمستثمرين، قال: "الكثير من الأوهام والشبهات تحوم حول موضوع الاستثمار في أوكرانيا، وحقيقة الأمر أن الاستثمار فيها آمن إلى حد كبير، وإن تتضمن بعض المشاكل البسيطة المرتبطة بالـ"بيروقراطية"، وإلا لما استقطب دولا أوروبية بالدرجة الأولى مثلا، التي هي -كما تعلمون- شديدة الحرص على أمن وحماية مشاريعها".
وليد دولة مدير فرع شركة "أداسكو" للطاقة، قال: "دخلنا سوق الطاقة المتجددة في أوكرانيا برأس مال يبلغ 800 ألف دولار، ولا أستطيع أن أقول أننا نواجه خطورة. نعم، واجهنا صعوبات لإتمام المعاملات والعقود اللازمة، لكننا تغلبنا عليها وانطلقنا".
وأضاف: "التغييرات السياسية الأخيرة (بعد 2014 وفي 2019) انعكست إيجابا على الاستثمار، وعلى البنية التحتية اللازمة".
يذكر أن المكتب الوطني للاستثمار، حدد عدد الدول الأجنبية المستثمرة في أوكرانيا بـ77، ومن بينها دول عربية وإسلامية، كأذربيجان وتركيا والسعودية والأردن والإمارات.
الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022