وسط إجراءات أمنية مشددة حول مقر الرئاسة والبرلمان ومجلس الوزراء وساحة الاستقلال وسط العاصمة الأوكرانية كييف، تظاهر اليوم نحو 25 ألفا من عامة الناس وأنصار المعارضة ورجال الأعمال الصغيرة والمتوسطة، رفضا لمصادقة البرلمان على قوانين جديدة للضرائب، سببت جدلا كبيرا في البلاد.
ورغم أن التظاهرة واكبت الذكرى السادسة للثورة البرتقالية، الذي بات يعرف "بيوم الحرية"، إلا أن الغضب ضد قوانين الضرائب حاز على الجزء الأكبر من هتافاتها وشعاراتها.
اعتصام
وقد شارك فيها الآلاف من صغار رجال الأعمال، الذين قدموا من معظم مدن أوكرانيا، حاملين خيامهم وأمتعتهم للاعتصام في كييف، حتى الاستجابة لمطالبهم بإلغاء القوانين التي ترفع من نسب الضرائب المفروضة على جميع المواطنين بنسب قد تتجاوز 50%، بحسب طبيعة العمل أو الدخل.
ماريا (وهي إحدى المتظاهرات من مدينة خميلنيتسكي غرب العاصمة كييف وتبلغ من العمر 65 عاما) قالت للرائد: "لجأت كما لجأ 40 ألفا آخرين في مدينتي إلى العمل كتجار صغار مضطرين بعد أن أغلقت أو بيعت الكثير من معامل المدينة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، حتى أوفر لنفسي ولأسرتي لقمة العيش".
وأضافت: سنعتصم في ساحة الاستقلال حتى إلغاء القوانين، داعين الرئيس يانوكوفيتش إلى عدم المصادقة عليها، لأنها ستلقي بالملايين ممن لن تكون لديهم القدرة على دفع ضرائب مرتفعة كما في دول أوروبا وسط دخل محدود لا يقارن مع دخل المواطن الأوروبي، أو حتى إقامة مشاريع في ظلها.
اتهامات
وقد اتهم خطباء التظاهرة حكومة رئيس الوزراء ميكولا آزاروف بسرقة أموال الشعب متوسط الدخل لسداد الديون الخارجية التي تجاوزت 100 مليار دولار، والرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي المذلة، التي سيستمر بموجبها بصرف دفعات قرض خصصه لأوكرانيا بنحو 31 مليار دولار.
سيرغي ميليتشينكو رئيس تجمع الأحزاب والقوى البرتقالية المعارضة في أوكرانيا قال للرائد: "لا يحق للحكومة أن ترفع الضرائب لتصبح كما في دول أوروبا الغربية، فهي لا تتلاءم مع حجم دخل معظم المواطنين".
وقال: "قوانين الضرائب الجديدة سترفع مستويات البطالة، وستلقي بالكثيرين إلى الطرق، لذلك فهي محل غضب شديد، ولا يمكن القبول بها، خاصة وأن الشعب لم يقم على أرجله بعد من الأزمة المالية التي عصفت بالبلاد".
وأكد ميليتشينكو أن هذه القوانين هي خطوة أولى تريد الحكومة القيام بها على طريق السعي لنيل رضا صندوق النقد الدولي وسد العجز في الميزانية الحكومية، وأن الخطوات التي تليها هي رفع سن التقاعد للتخفيف من أعبائه عليها.
وحذر من تحول التظاهرة إلى ثورة شعبية تتسم بانتشار الشغب والفوضى، قائلا إن الثورة البرتقالية بدأت بنفس الصورة قبل ستة أعوام، لكنها اتسمت بطابع سلمي، والغضب العارم في تظاهرة اليوم يهدد بخروجها عن هذا الإطار.
واقع
لكن النائب أليكساندر يدين عضو اللجنة البرلمانية لشؤون الاقتصاد كان قد قال في حديث سابق مع الرائد إن حكومة البلاد اضطرت لهذه القوانين بعد أن وقعت في ورطة الديون الخارجية، والاقتصاد المتعثر الذي خلفته الحكومة السابقة بقيادة زعيمة المعارضة تيموشينكو.
خيارات
وفي ظل هذا الغضب الجماهيري يرى خبراء ومحللون أن الرئيس يانوكوفيتش (الذي ينتظر الجميع موقفه من هذه القوانين رفضا أو مصادقة أو تعديلا) يقف أمام خيارات عديدة، لكنها باتت سنة في تمرير أية قوانين مثيرة للجدل في البلاد.
يقول المحلل الاقتصادي د. وائل البحيصي إن انتظار مصادقة الرئيس على القوانين قد يستمر إلى ما قبيل أو بعيد أعياد رأس السنة الميلادية، حيث سيكون الشعب مشغولا بالأعياد وبعيدا عن خضم الأحداث.
وقال إن الرئيس قد يأمر الحكومة بمراجعة قوانين الضرائب، للتخفيف على المواطنين، لترتفع مستوياتها فيما بعد تدريجيا على فترات، حتى تبلغ قيمتها الحالية، وهذه سنن تتبع لتمرير أي قانون مثير للجدل في البلاد.
المصدر: "الرائد"
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022