هناك الكثير من التخمين في الحلقات الدبلوماسية أن فلادمير بوتين مستعد لعقد اتفاق ينهي به النزاع الذي بدأه في أوكرانيا، لكي يحرر الاقتصاد الروسي المصاب بالبلاء جراء العقوبات من الدول الغربية.
أدهش السيد بوتين الجميع الشهر الماضي بتعينه مساعدين مقربين للتفاوض على تنفيذ اتفاقية السلام المتوقفة، وتتضمن الاتفاقية المخصصة للقناة الروسة الأميركية الجديدة.
على أي حال، ليس من الواضح إن كان الكرملين مستعد فعلا للتسوية أو أنها مجرد محاولة لتقسيم حكومات الدول الغربية وتحويل اللوم بشأن الطريق الدبلوماسي المسدود إلى أوكرانيا.
إن السيد بوتين بحاجة إلى أن يتم اختباره، لكن، إلى الآن، لم تقم الحكومات الأوروبية ولا إدارة أوباما بما هو مطلوب لوضعه في موقف صعب.
بالطبع، يعطي وزير خارجية السيد بوتين، سيرجي لافروف، انطباعا أن تحركات موسكو الدبلوماسية هي تحركات مخادعة. ففي مؤتمر صحفي آخير، إدعى أن الاتحاد الأوروبي قد دفع نحو «كمين» نصبته الولايات المتحدة عندما وافق على أن يكون رفع العقوبات مرتبط بتنفيذ اتفاق السلام والتي تعرف باتفاقية مينسك 2.
وكان قد هاجم أوكرانيا قائلا «أن أوكرانيا تجلس بعيدا ولا تقوم بأي شيء»، وتفرض العقوبات لتبقى مكانها. وأكد بثقة أن «أوروبا لم تعد ترغب بأن تبقى رهينة هذا الوضع».
في الحقيقة، لم تكن روسيا والقوات العسكرية التي تسيطر عليها في منطقة دونباس الشرقية في أوكرانيا أبدا قد احترمت الخطوة الأولى من اتفاق منيسك – وهو وقف إطلاق النار. فقد استمرت المناوشات اليومية على طول خط الجبهة. ومازال بعض من الحكومات الأوروبية وأصحاب المصالح التجارية مستعدين لتبني رواية موسكو. وهم يلومون حكومة الرئيس الأوكراني بترو بروشينكو لفشلها في الحصول على موافقة من البرلمان على تعديل دستوري يسمح باستقلال أكبر للمناطق التي تحتلها روسيا، وعلى غياب الاتفاقية بشأن كيفية عقد انتخابات في تلك المناطق.
لم يكن السيد بوروشنكو قادرا على حشد الأصوات للتغيير الدستوري في البرلمان المنتخب ديمقراطيا من جهة بسبب انتهاكات وقف إطلاق النار والسيل الثابت من الخسائر الأوكرانية.
في تلك الأثناء، ترغب السلطات التي تدعمها روسيا في المناطق المحتلة بعقد انتخابات ضمن شروط قد تجعلهم كاذبين بالمصادقة على حكمهم. والمفاوضات مع مسؤول وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند، أظهر بوتين ومساعده فلاديسلاف سوركوف بعض المرونة، مما دفع بعض مسؤولي الولايات المتحدة لاستنتاج أن الاتفاق بتنفيذ اتفاقية مينسك أمر محتمل.
على أي حال، قد يتطلب الأمر مجموعة من الاجراءات يكون فيها الاصلاح الدستوري لأوكرانيا مقترن بخطط مفيدة لعقد انتخابات وإحياء السيطرة الحكومية على الحدود مع روسيا.
الخطوة الأولى المهمة هي إنهاء إطلاق النار وغيرها من الإجراءات لضمان الأمن، مثل نشر مراقبين دوليين في جميع أنحاء المناطق التي تسيطر عليها روسيا. ويُظهر السيد بوتين أنه باستطاعته فرض وقف لاطلاق النار إذا اختار أن يقوم بذلك، وكان قد قام بذلك بشكل موجزا في شهر أيلول، في الوقت الذي كانت فيه القوات الروسية تركز على سوريا. فبدلا من الضغط على أوكرانيا، على إدارة أوباما أن تجند الاتحاد الأوروبي للمطالبة بقوة بأن يثبت السيد بوتين على الأعمال التي هو على استعداد للقيام بها لإنهاء الحرب. فإن فعل ذلك، سيكون المناخ ملائما للقيام باتفاق سياسي. وإن لم يفعل، سيعلم الجميع على من سيُلقى اللوم بشأن النزاع المتجمد.
واشنطن بوست
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022