محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
وجد فنانون أوكرانيون في أزمة الغاز بين بلادهم وروسيا إلهاما من نوع فريد، لم تجسده صور أو مجسمات، بل عبروا عنه بأسلوب جمع بين الجدية في التعامل مع الأزمة، والسخرية من بعض المسؤولين، والحال الذي آلت إليه البلاد.
"ندفئ أوكرانيا" معرض أقامه مجموعة من الفنانين في العاصمة كييف، استعرضوا فيها طرقا ووسائل بدائية أو قديمة، للتدفئة وتسخين الماء، أو حتى لتوفير الضوء إذا ما انقطعت الكهرباء.
المعرض لاقى اهتماما شعبيا وإعلاميا كبيرين على صغر مساحته، لأنه –ربما- جاء في توقيت تزداد فيه المخاوف من شتاء بلا تدفئة، إذا ما قطعت روسيا إمدادات الغاز عن أوكرانيا، الذي يستخدم كذلك لإدارة وتحريك كثير من المحطات والمصانع والمركبات.
تحدي الواقع
أمام 3 أطنان من الخشب صفت على أحد جدران المعرض، تقف مدفئة تعمل على الحطب، كانت واسعة الانتشار في القرن التاسع عشر، إذ يمكن استخدامها للطهي وتجفيف الغسيل أيضا.
المدفئة زينت بتطريزة شعبية أوكرانية، في "إشارة إلى ضرورة تحدي الأزمة لتجاوزها، ولتجاوز روسيا التي تستخدم الغاز كوسيلة ضغط سياسي على أوكرانيا، وإن كان ذلك بطرق بدائية، أو مبتكرة بديلة"، كما قالت يوليا فولوشينا لنا، وهي فنانة شاركت بتنظيم المعرض.
فولوشينا أكدت أن ثمة إقبالا اليوم على شراء مدافئ مماثلة في الأرياف اليوم، لأن استخدمها صعب في المدن بسبب الدخان الصاعد، وهي وسيلة وحيدة للتدفئة إذا ما انقطع الغاز، وأدى إلى انقطاع الكهرباء أيضا.
ولاستبدال المصابيح الكهربائية آنذاك، يذكر المعرض بوجود مصابيح تعمل الوقود، أو بوجود الشموع التي كانت –ولا تزال حتى الآن- نادرة الاستخدام في أوكرانيا.
سخرية
لكن الطابع الأبرز الذي يتركه المعرض في أذهن زائريه هو الدعابة الساخرة، من الحال الذي وصلت إليه البلاد، ومن شركات ومسؤولين معنيين بالأزمة، وعاجزين عن حلها.
في المعرض عدادات ماء وكهرباء، كتبت تحتها أنواع المشاعر التي تنتاب الأوكرانيين عند دفع فواتيرها، كالصدمة والغضب والكآبة والصبر والأمل، وتساؤل تركه الفنان عن شعور الأوكرانيين عند دفع فواتير الغاز قريبا، الذي قد ترتفع أسعاره عدة أضعاف.
وفي المعرض حمام (بانيو)، أدخلت فيه عدة وشائع لتسخين الماء، وكتبت بجانبه عبارة تسخر من عمدة المدينة وبطل الملاكمة العالمي السابق فيتالي كليتشكو، الذي قال: "ليصبح الماء البارد ساخنا، يجب أن يسخن".
وفي مكان آخر صورة لشعار شركة "كييف إنيرغو"، الذي يحمل عبارة: "الدفئ والنور لسكان كييف"، وتساؤل تركه أحد الفنانين: "ما حاجتنا إلى شركات لن يتعطينا شيئا؟"، في إشارة إلى إعلان الشركة المتكرر عن أن "موسم التدفئة المركزية مهدد بأزمة الغاز، وقد يتأخر مجددا بعد أن أجلت بدايته من منتصف الشهر الجاري إلى نهايته، أو قد يلغى".
سيرهي شاب زار المعرض، عبر عن أمله بأن تحل الأزمات السياسية والاقتصادية مع روسيا بطريقة ما قريبا، لتقف مقتنيات المعرض عند الدعابة، ولا تصبح واقعا في حياة الأوكرانيين خلال شتائهم، الذي تتراجع درجات الحرارة فيه أحيانا إلى ما دون 30 درجة تحت الصفر.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022