برعاية وتنظيم زارة الثقافة الأوكرانية، يقام في العاصمة كييف حاليا معرض فني ثقافي دولي، يستعرض في أجزاء واسعة منه عالم الأنظمة الديكتاتورية الأبرز في العصر الحديث، ويبرز جوانب عدة من آلام ظلالها على الشعوب والأمم.
وقد اختير "مصنع الترسانة" في كييف مكانا للمعرض الذي بدأ قبل أسبوعين ويستمر حتى منتصف شهر تموز/يوليو المقبل، وهو المصنع الذي دمرته ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، ثم تحول إلى متحف وساحات معارض متنوعة.
وتتنوع مواد المعرض الذي اختير بين مجسمات وتماثيل ولوحات، إضافة إلى استعراض مقاطع مسموعة ومرئية عن معاناة شعوب عدة، منذ الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا.
واللافت في المعرض أن الفنانين المشاركين فيه عانوا في مراحل سابقة من حياتهم، ولا زال يعاني بعضهم معاناة الظلم والاستبداد والقهر الناجم عن النظم الديكتاتورية.
أنظمة وشخصيات
ولعل أبرز الأنظمة التي "يعريها ويفضحها" المعرض (كما يقول أحد المشاركين) هو نظام الاتحاد السوفيتي السابقة، خاصة وأن معظم الفنانين ينحدرون من دول كانت تابعة له عقودا عدة.
كما يبرز المعرض جوانب عدة من آلام الاضطهاد الناجمة عن نظام الحكم في الصين، وخاصة في إقليم التبت الذي شهد حركات احتجاج قمعها بعنف ولا يزال يطاردها.
ومن المعروضات اللافتة فيه مجسم مصنوع من علب أعواد الثقاب الخاوية، التي أنتجت أثناء الحقبة السوفيتية، وتحمل صور أبرز القادة السوفيتيين وأكثرهم دموية وبطشا، بحسب صانعه الفنان الأوزباكستاني فياتشيسلاف أخونوف.
وعنه قال أخونوف: "إن المجسم يرمز إلى أن الديكتاتوريين كعلب الثقاب، رخيصة وخفيفة الوزن، لا تبالي بفقدها الشعوب، وتستطيع أن تجتثها وتهدمها إذا هبت عليها برياح غضبها، ومهما كانت ضخمة وعالية".
ولذات الفنان لوحة بسطت على الأرض، وضع فيها صورا لمن ينظر إليهم كأبرز رموز العنف والإرهاب والنظم الديكتاتورية بعد الحرب العالمية الثانية وحتى زماننا الحاضر.
وعنها يقول: "وضعت صورة كل من "هؤلاء" داخل نجمة لأنهم نجوم في عالمهم المقيت، واللون الأحمر حولهم يرمز إلى كثرة الدماء التي كانوا سبب إراقتها، أما اختيار الأرض مكانا لها، فلتطأهم أقدام جميع زوار المعرض.
وقد تضمنت اللوحة صور زعماء عدة رحلوا أو لا يزالون، كصورة الزعيمين السوفيتيين ستالين ولينين، والزعيم النازي هتلر، والرئيس الروسي بوتين، والزعيم الكوبي فيديل كاسترو.
وتضمنت أيضا صور قادة وشخصيات عربية وإسلامية، كالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، والرئيس العراقي السابق صدام حسين، والمرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، وزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، والرئيس السوري بشار الأسد.
انتقادات
لكن فنانين حضروا المعرض انتقدوا عدم إشارته إلى بعض الأحداث التاريخية المأساوية، التي ارتبطت بالأنظمة والشخصيات الديكتاتورية.
وفي هذا السياق لفت الفنان الروسي أوليه كاليتشوك إلى أن تبعات مأساة تهجير تتار إقليم شبه جزيرة القرم في العام 1944 واحدة من أشد آلام القرن الماضي، لما خلفته من قتلى وتشريد لا تزال آثاره باقية حتى اليوم، ولم يشر إليها المعرض.
ومع ذلك رأى كاليتشوك أن المعرض حقق نجاحا، ورسالته عكست اهتماما كبيرا في مختلف الأوساط والشرائح في أوكرانيا، معتبرا أنه ضروري وهام جدا لتفعيل "أدوار الفن والفنانين" في خدمة القضايا الإنسانية، ومحاربة الديكتاتوريات.
أوكرانيا برس
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022