عقد عدد من ممثلي المؤسسات الإسلامية والاجتماعية في أوكرانيا مؤتمرا صحفيا اليوم الأربعاء، بعد عملية تفتيش أجرتها أجهزة الأمن صباح يوم الأمس الثلاثاء في المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة كييف، قال إنها عثرت خلالها على "كتابين محظورين"، وإن التحقيقات حول هذه الموضوع مستمرة.
عقد المؤتمر في وكالة "هلافكوم" للأنباء، وحضره إلى جانب ممثلي مسلمي أوكرانيا عدة نواب برلمانيين، وعدد كبير من مراسلي وسائل الإعلام المحلية وغيرها.
اختلاق فتن
بداية المؤتمر كانت بكلمة للشيخ سعيد إسماعيلوف مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمّة"، شرح فيها تفاصيل ما حدث، معتبرا أن الطريقة التي تمت بها عملية التفتيش، والنتيجة التي وصلت إليها، تحمل الكثير من الشكوك حولها، وحول حقيقة أهدافها.
وأوضح إسماعيلوف أن عمليات تفتيش مماثلة شهدتها مراكز إسلامية في عدة مدن مؤخرا، بطريقة لم تسمح للقائمين على المراكز بالحضور، كما لم تسمح الاتصال بهم.
واتهم إسماعيلوف المجموعة التي نفذت هذه العمليات بوضع كتابي "نواقض التوحيد" و"رد الشبهات" المحظورين، مستعرضا مقاطع فيديو سجلتها كميرات المراقبة للعملية، ومؤكدا أن مركز كييف الإسلامي لم يحتوي أبدا على هذه الكتب أو شبيهاتها.
واعتبر إسماعيلوف أن من شأن هذه الإجراءات إثارة المخاوف وخلق الفتن في مجتمع أوكرانيا المتآلف والموحد، مؤكدا أن هذا أفضل ما يتمناه المعتدي عليها لإضعافها داخليا، في إشارة إلى روسيا.
أما الأستاذ سيران عريفوف رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد"، وهو أكبر مؤسسة تعنى بشؤون المسلمين في أوكرانيا، وتشرف على جميع المراكز الإسلامية في أوكرانيا، فقال إن سيناريو ما حدث مرتبط بسياسة تنافسية قذرة، اتبعتها أطراف دينية لم يسمها، بالتعاون مع مقربين وموالين لها في أجهزة الأمن الوطنية، وهذا تكرر عدة مرات على مدار السنوات الأخيرة.
وأكد عريفوف أن الكتب التي عثر عليها ليست من إصدارات الاتحاد، ومحظورة أصلا في جميع المؤسسات التابعة، وأن جميع محاولات إلصاق صفة التطرف والإرهاب بغالبية المسلمين باءت بالفشل، وأن مسلمي أوكرانيا باقون على طريق خدمة الوطن وضمان أمنه رغم كل الفتن التي تخلق لهم، على حد قوله.
انتهاكات قانونية
ومن جانبها أكدت المحامية أولغا كروخا أن عملية التفتيش تحمل الكثير من "الانتهاكات والأخطاء" القانونية، بدءا من تعمدها غياب المسؤولين عن المركز والمؤسسات فيه، وانتهاء بتعمد كسر أبواب.
وقالت كروخا إن تكرار هذه الأحداث في عديد المدن، سيدفع المؤسسات الإسلامية إلى تقديم شكاوى لدى المحكمة الدستورية العليا، والمحكمة الأوروبية الخاصة بحقوق الإنسان.
غضب النواب
جام الغضب على العملية برمتها صبه عدد من النواب البرلمانيين، ومنهم رفعت تشوباروف الذي يترأس مجلس شعب تتار القرم أيضا.
تشوباروف بدأ كلمته بالتأكيد على أنه سيحتفظ من الآن فصاعدا بكتاب "الحلال والحرام" على طاولة مكتبه، في إشارة إلى أخذ المفتشين 54 نسخة منه من مكتبة المركز، مشيرا إلى "هراء" الإجراءات والتحليلات التي تتبعها الأجهزة الأمنية.
وربط تشوباروف بين التفتيش وما تقوم به السلطات الروسية في القرم المحتل، مؤكدا أن الهدف منه تشويه صورة تعامل أوكرانيا مع شعبها ومسلميها، قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الروسية، التي تريد تلك السلطات إجبار تتار القرم المسلمين على المشاركة فيها.
مواقف المسلمين
وفي سياق آخر، استعرضت النائب البرلماني أوكسانا كورتشينسكا بعض المواقف التي عرفتها عن مسلمي أوكرانيا والقائمين على المركز الإسلامي.
وهنا أشارت إلى البرامج والفعاليات الوطنية التي يشاركون فيها، والبرامج والفعاليات الوطنية والإغاثية التي تهدف إلى خدمة المجتمع عموما، ودون تمييز أو تحيز فيه.
وختمت بالقول إنها لا يمكن أن تصدق أن مثل هذه الاتهامات موجهة إلى مثل هذه المؤسسات وهؤلاء الأشخاص، على حد قولها.
وسائل روسية
وعن مسلمي أوكرانيا تحدث العالم الأوكراني في مجال علوم الأديان والفلسفة إيهور كوزلوفسكي، الذي أسر من قبل الروس في شرق أوكرانيا، وحرر مؤخرا في صفقة تبادل أسرى.
كوزلوفسكي قال إنه كأستاذ محاضر في الجامعات كان ولا يزال على علاقة وثيقة مع ممثلي المؤسسات والمركز الإسلامية، ولا يمكن أن يتصور اتهامها بالعنف أو التطرف أو التحريض على الكراهية.
ولفت كوزلوفسكي إلى أن عملية اعتقاله من قبل الروس تمت بنفس الطريقة التي تمت بها عملية التفتيش، معبرا عن أساه لأن أوكرانيا لم تتغير تماما نحو الأفضل، ولم تصبح جديدة كما قال له الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو عندما رحب به بعد إطلاق سراحه.
وقال إن ما يحدث في البلاد دليل على أن طريق التغيير لا يزال طويلا، في إشارة على ما يبدو إلى تمسك بعض أجهزة الدولة الأمنية بعقليتها وولاءاتها القديمة.
استهداف المسلمين
وبدوره قال النائب مصطفى نعيم إن التوقيت الذي حدثت فيه عملية التفتيش لا يمكن أن يفهم إلا كطعنة في الظهر، لأنه يستهدف وحدة المجتمع وحقوق الأقليات فيه.
وأوضح بالقول إنه ما كان لأجهزة الأمن أن تقوم بإجراء مماثل في مؤسسات مسيحية أرثوذوكسية على سبيل المثال، لأنهم يخافون من ردود الفعل، التي لا يحسبون لها أي حساب مع الأقلية المسلمة.
سفير السلام
وخلال كلمة له في المؤتمر، تحدث الداعية طارق سرحان إلى عملية تفتيش استهدفت بيته صباح الأمس أيضا، بالتزامن مع عملية تفتيش المركز.
سرحان أكد أنه سمح للمفتشين بالدخول والبحث عن حسن نية، لكن أشار إلى أن نواياهم كانت مبيتة بالانتشار في شقته، ووضع كتاب محظور تحت الثلاجة، لم يره من قبل، على حد قوله.
يذكر أن سرحان مشهور في أوكرانيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق كداعية يحدث عن الإسلام والثقافة الإسلامية باللغة الروسية، وله مشاركات مماثلة كثيرة في الجامعات والمعاهد والمؤسسات الحكومية والمدنية.
وتقديرا لنشاطه في مجال التعريف بالإسلام وتعزيز مفاهيم التعايش في المجتمع، اختارته جمعية دولية تابعة للأمم المتحدة كسفير للسلام في أوكرانيا، تقديرا لجهوده ونشاطاته في هذا المجال.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022