تفاقمت أزمة الغاز بين أوكرانيا وروسيا بإعلان كييف قبل أيام عن نيتها خفض حجم وارداتها من الغاز الروسي إلى النصف سنويا دون 30 مليار متر مكعب، بعد فشلها بإقناع موسكو خفض أسعاره إلى ما دون 250 دولارا عن كل ألف متر مكعب لإنعاش اقتصادها المنهك.
ففي حين رفضت روسيا قرار خفض الكميات وطلبات خفض الأسعار، هددت الأخيرة مجددا بنقل القضية إلى محكمة ستوكهولم الدولية لإثبات عدم شرعية اتفاق العام 2009 المثير للجدل بين الجانبين، ما دفع عددا من الساسة ووسائل الإعلام في كلا الجانبين إلى القول أن الأزمة تحولت إلى "زاع" أو حتى التنبؤ "بحرب غاز".
وينص اتفاق 2009 (الذي وقعته عن الجانب الأوكراني رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو، وتلقى بسببه حاليا عقوبة السجن 7 سنين بتهمة إساءة استخدام السلطة والإضرار باقتصاد البلاد) على أن تستورد أوكرانيا 52 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنويا (نحو 80% من حاجتها)، وبسعر يتراوح بين 330 – 450 دولارا عن كل ألف متر مكعب.
ومع اشتداد البرد والحاجة للغاز، أثار تفاقم الأزمة مجددا مخاوف دول أوروبا التي تستورد من روسيا نحو 25% من احتياجاتها للغاز (112 مليار متر مكعب تقريبا)، وينقل 80% منه عبر أوكرانيا، لكن وزير الطاقة الأوكراني يوري بويكو أكد قبل أيام أن الأزمة لن توقف إمدادات أوروبا كما حدث في بداية 2009.
تنازلات
وبحسب الجانبين، يبقى حل الأزمة مرهونا بالتوافق على تنازلات تطالب بها روسيا أوكرانيا لخفض الأسعار من جهة، وتهديدات أوكرانية جادة لحجم صادرات الغاز الروسي من جهة أخرى.
ومن أبرز التنازلات التي تطالب بها روسيا شراء شبكات نقل الغاز الأوكرانية، واندماج شركة "نفطوغاز" الأوكرانية مع عملاقتها "غازبروم"، وهي تنازلات رأى النائب والخبير الاقتصادي يفهيني دوبرياك أنها تمس السيادة الأوكرانية وتضعها مع اقتصاد البلاد في الجيب الروسي.
وقد تناقلات وسائل الإعلام الروسي يوم الأمس معلومات عن مصادر مطلع في الحكومة الروسية تؤكد أن روسيا مستعدة بالمقابل للتنازل عن عدة صفقات خاصة بشركة "غاز بروم" وعن رئاسة الشركة لصالح أوكرانيا، إذا ما وافقت على تقديم التنازلات المطلوبة منها، ما يعكس بحسب محللين حجم الاهتمام الروسي بالشراكة مع أوكرانيا، أو السيطرة عن شركاتها وشبكاتها، بحسب آخرين.
وبالمقابل تهدد أوكرانيا باللجوء إلى محكمة ستوكهولم الدولية، وبالتحول لاستيراد الغاز من مصادر أخرى ككازاخستان، وبرفع أسعار نقل الغاز إلى أوروبا عبر أراضيها، الأمر الذي سيؤثر على سوق الغاز الروسي، على اعتبار أن أوكرانيا أكبر مستورد وناقل له.
أهداف سياسية
ويرى البعض أن للأزمة الأوكرانية الروسية القائمة بعدا سياسيا لا يقل أهمية عن بعدها الاقتصادي، على اعتبار أن أوكرانيا ساحة نزاع حقيقي غير معلن بين روسيا من جهة، والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو من جهة أخرى.
يقول النائب يفهيني دوبرياك إن ثورة أوكرانيا البرتقالية في العام 2004 كشفت أن لدى شعب أوكرانيا ميولا أوروبية لا تقل عن ميوله نحو روسيا، وروسيا تضغط بالغاز على أوكرانيا للحيلولة دون رجوح الكفة الأوروبية فيها، لإبقاء أوكرانيا بإمكانياتها الاقتصادية الضخمة وموقعها الجغرافي إلى صفها.
وأوضح دوبرياك أن روسيا تعارض تقارب أي تقارب لأوكرانيا مع حلف الناتو خشية على أمن حدودها، لا تريد أن توقع اتفاقية للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي تمهيدا لعضويته في المستقبل، وتريد بالمقابل أن توقع اتفاقية مماثلة معها تمهيدا لتشكيل "الاتحاد الأوراسي" في العام 2015 بين عدة دول سوفييتية سابقة، وفق ما أعلنه رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين.
يذكر أن روسيا افتتحت قبل أسابيع أنبوب التيار الشمالي "نورد ستريم" لنقل الغاز إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، وأعلنت أن مشروع خط التيار الجنوبي "ساوث ستريم" يرتبط بالتسوية مع أوكرانيا، لأنه مطوح كبديل عن شبكات النقل فيها.
أوكرانيا برس + الجزيرة نت
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022